الخبر الطيب يقول: تسلمت مصر أمس رئاسة مؤتمر وزراء البيئة الأفارقة المنعقد فى القاهرة حتى الغد، وستظل محتفظة بهذه الرئاسة لمدة عامين، كما قال الدكتور خالد فهمى، وزير البيئة المصرية، أما السؤال المؤلم: هل تتمتع مصر ببيئة نظيفة وصالحة خاصة فى القاهرة والإسكندرية؟
بدون مجاملات، فإن القاهرة الحالية تخاصم تماما أى معايير دولية خاصة بالبيئة ونظافتها وجمالها، إذ اعتدى حكامها طوال أربعين سنة على البيئة بشكل منظم، لدرجة توحى بأنهم كانوا رسل الشيطان لتدمير هذه المدينة الفريدة!
لم يفكر السادات فى مستقبل العاصمة التليدة، ولم يعمل حساب الزيادة السكانية، وانشغل نظامه بعد حرب أكتوبر 1973 بعقد صلح مع إسرائيل والارتماء فى أحضان أمريكا، ولما اعترض مثقفو مصر وسياسيوها الشرفاء على سياساته البائسة وضعهم جميعا فى السجون قبل اغتياله بشهر!
فلما جاء مبارك لم يهتم بالقاهرة، ومع استمراره فى السلطة نسى القاهرة وهجرها، وفى عهده الميمون شهدنا ظاهرة الإقامة فى المقابر، وانبثاق الحزام العشوائى حول العاصمة التى كانت مفخرة الزمان، وهكذا تراكم البشر فى مساحات ضيقة، وتكدست السيارات والباصات والميكروباسات و«التكاتك» فى أحياء القاهرة كلها حتى صارت مدينة الفوضى الأولى فى العالم!
لأن حكام مصر فى العقود الأربعة الأخيرة كانوا محرومين من نعمة الخيال فى أفضل الأحوال، أو مجموعة لصوص فى أسوأها، فقد ابتليت المدينة الحزينة بكل المساوئ التى تدمر البيئة، فلا مساحات من الفراغ تستوعب الجسد الإنسانى، ولا هواء نظيف، ولا نظام مرورى محترم، ولا حدائق أو بساتين تنقى الهواء وتوفر الأكسجين!
لا أعرف كيف سيواجه وزير البيئة أقرانه فى الدول الأخرى، إذا طلب أحدهم أن يتجول فى القاهرة، ولا أدرى ما النموذج الذى ستقدمه الحكومة لضيوفها كى يحتذوا به؟ إن البيئة المصرية للأسف الشديد فى حال يرثى لها، وقد أتيح لى نعمة زيارة تونس والجزائر والمغرب - وهى بلدان عربية تشاركنا الجغرافية الأفريقية - ورأيت كيف يحافظون على البيئة هناك، فليتنا نتعلم منهم!
اتركوا القاهرة.. شيدوا مدنا جديدة على بعد 500 كم من العاصمة.. حتى تستعيدوا بهاء الطبيعة!