ناصر عراق

الفرق بين ثورتى 1919 ويناير

الجمعة، 06 مارس 2015 07:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يمكن فهم المزاج العام للمصريين وتحولاته فى القرن العشرين لو لم نستوعب دروس ثورة 1919، كما لا يمكنا إدراك ما حدث فى ثورة يناير 2011 لو لم نعِ نتائج ثورة 1919 وما تلاها من وقائع وأحداث!
إن عودتنا لقراءة ثورة 1919 الآن ليس من باب الانفتاح على تاريخنا الحديث فحسب، رغم أنه انفتاح ضرورى ومهم، وإنما لنفهم القوانين الداخلية لكل ثورة، وهل يمكن أن نعدها ثورة ناجحة أم مجرد انتفاضة شعبية منيت بالفشل؟
فى التاسع من مارس من عام 1919 اندلعت الثورة ضد الاحتلال الإنجليزى كما هو معروف ومعلن، وقد شاركت فيها طبقات الشعب المصرى كلها، لكن الأهم أن ندرك أن هذه الثورة دعت إليها وقادتها الرأسمالية المصرية الوليدة التى تواجه معوقات جمة وضعتها قوات الاحتلال، ذلك أن الرأسمالية الإنجليزية - والأوروبية - كانت قد تغلغت فى المجتمع المصرى، فأنشأت البنوك والشركات والمصانع، واستحوذت على الأرباح بمفردها، بينما الرأسمالية المصرية التى بدأت تتشكل من كبار الإقطاعيين عاجزة عن تأسيس المصانع والشركات والمنافسة فى السوق!
أجل.. اشتعلت الثورة ضد الاحتلال، واختارات لها زعيمًا/ رمزا هو سعد زغلول ليلتف حوله الجميع، لكنها فى الأساس كانت ثورة الرأسمالية المصرية الناشئة فى مواجهة من يقف ضد نموها وازدهارها، وهو تطور طبيعى فى المجتمعات، إذ يعقب المجتمع الإقطاعى دومًا مجتمع رأسمالى، وهكذا فإن نجاح ثورة 1919 تبدى فى أنها قطعت الصلة بالنظام الإقطاعى السابق عليها، وشرعت فى تشييد مجتمع رأسمالى بثقافته وأفكاره وآدابه وفنونه.
لعلك لاحظت أن أول النتائج الإيجابية للثورة تمثل فى إنشاء بنك مصر بعد عام واحد فقط من اندلاعها، أى فى عام 1920، بوصفه أول بنك برأسمال مصرى خالص، وعلى الفور بدأت الرأسمالية المصرية تعمل بجدية لاستثمار أموالها المتراكمة، وهكذا وضعت الحكومة يدها على الجامعة الأهلية لتصبح جامعة تشرف عليها الدولة - جامعة فؤاد الأول/ القاهرة 1925 - ليتخرج فيها الذين تحتاجهم الرأسمالية الناشئة ليتولوا الوظائف المختلفة اللازمة للمنظومة الرأسمالية، ثم أنشئت شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة فى 1927 وستوديو مصر 1935 وهكذا.
أما النتائج الفكرية والثقافية والفنية لثورة 1919، فهى ضخمة ومتنوعة وبالغة الأهمية، وسأذكر لك بعض الأسماء التى أبدعت بعد هذه الثورة لتتأكد مما أقول.. طه حسين والعقاد وسلامة موسى وتوفيق الحكيم ويحيى حقى ونجيب محفوظ ويوسف وهبى وسيد درويش والقصبجى وزكريا أحمد وأم كلثوم وعبد الوهاب والسنباطى، ومحمود مختار وراغب عياد ومحمود سعيد.. إلى آخر هذه الكوكبة التى أضاءت حياتنا بكل ما هو جميل وفاتن وآسر!
الآن مر أربع سنوات على ثورة يناير.. فهل تتوقع أن تؤسس لنهضة صناعية ثقافية إبداعية مثلما فعلت ثورة 1919؟
أترك الإجابة لذكائك!
وكل ثورة وأنت طيب!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة