منذ 4 سنوات كاملة، وتحديدًا منذ 25 يناير 2011، راجت صناعة «سفاسف الأمور»، وتحويل «الفنكوش» إلى أهرامات بقدرة قادر، وأصبح نشطاء الثورة، وحواريوهم، ودراويشهم من القوى السياسية والأحزاب والإخوان والسلفيين مهرة فى هذه الصناعة.
تركوا هؤلاء جوهر الأشياء، وانشغلوا بسفاسف الأمور، ليصنعوا منها أهرامات وهمية، شبيهة بـ«الفنكوش»، وتوظيفها سياسيًا لخدمة أهدافهم، وتشويه كل إنجاز يتحقق على الأرض، وشغل الناس عنه بهذا «الفنكوش»، وللأسف الإعلام يسير وراءهم سير القطعان، ويروج لهذا العبث من عينة أن زوجة محافظ الإسكندرية ترتدى «فستان سوزان مبارك».
وجدنا حملة ضارية ضد محافظ الإسكندرية وزوجته، تطالب بقطع رأسيهما، والتمثيل بجثتيهما، بتهمة ارتكاب جريمة كبرى عندما حضرت الزوجة اجتماعًا شارك فيه ناشطون بمنظمات المجتمع المدنى، لمناقشة أزمة القمامة بالمحافظة، وهى السيدة الضالعة فى هذا المجال، وعضو فى عدد من جمعيات المجتمع المدنى المهتمة بالبيئة، ومن هذا المنطلق شاركت فى الاجتماع الرسمى الذى حضرته وزيرة التطور الحضرى.
هذا الاجتماع كان بمثابة الصيد الثمين لجماعة الإخوان والسلفيين الذين لهم وجود قوى فى الشارع الإسكندرانى لسنّ سكاكينهم، والإجهاز على المحافظ، وإظهار العين الحمراء له مبكرًا، وتشتيت جهوده فى قضايا فرعية ووهمية، ووضعه فى حالة المدافع عن نفسه، ومن ثم عدم تمكنه من تحقيق ما هو مطلوب منه من إنجازات على الأرض، وهذه سياسة دائمًا ما يتبعها السلفيون والإخوان والنشطاء، بجانب أباطرة الفساد فى المحليات ضد كل محافظ يتولى مقاليد الأمور فى الإسكندرية قبل الثورة، ومستمرة حتى الآن، والوحيد الذى نجح فى إبطال مفعول هذه المؤامرات اللواء عبدالسلام المحجوب فقط.
ومع الإقرار بهذا السيناريو المعد بعناية لإفشال المحافظ، وانساق وراءه خبراء «القلاووظ» الذين نصبوا أنفسهم أوصياء، وطالبوا بإقالة المحافظ، نظرًا لاهتمام زوجته بالعمل العام متطوعة، ودون أن تتقاضى مليمًا واحدًا من خزينة الدولة، فإنه يجب على المحافظ أن يُبعد زوجته عن المشهد العام، حتى لا يمنح خصومه الخنجر لتسديد طعناتهم القاتلة فى ظهره، أو تكون بمثابة «الدبة التى قتلت صاحبها» فى محاولة طرد ذبابة.
أيضًا لابد من الاعتراف بأن قطاعًا عريضًا من المصريين أصابتهم عقدة «السيدة الأولى» التى احتكرتها سوزان مبارك طوال 30 سنة، لذلك يجب على محافظ الإسكندرية عدم ركوب موجة العنت، والسير عكس اهتمام ورغبات الناس بفرض زوجته على تصدر المشهد العام، وحضور الاجتماعات الرسمية، مع افتراض حُسن النوايا، وعمل ما هو فى الصالح العام، لكن على المحافظ سرعة إدراك أن الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة، وحتى لا يتحول إلى ثغرة ينفذ منها أعداء الوطن فى الداخل لتوجيه سهام نيرانهم لنظام الحكم.