تحتفظ جماعة الإخوان وكالعادة لنفسها بحق إطلاق الأوصاف والمسميات المضادة للمنطق والقانون والحقيقة، فالمتهم الذى يعتدى على أى شىء ويرتكب الجرائم لا يعد مجرما طالما هو من صفوفها، ولا تخجل من وصفه مثلا بـ«المجاهد»، وإن سقط قتيلا على إثر تنفيذه لعملية إرهابية يكون فى نظرها «شهيد».
هى عبر تاريخها تصف مجرميها الذين ارتكبوا عمليات اغتيال ضد مصريين ثم قضت المحكمة بإعدامهم بـ«الشهداء»، وتقدم فى ذلك رواياتها المزيفة لتبرئتهم، لترتكب جريمة إضافية تتعلق بتزييف الوعى عبر كتابة التاريخ بالمقاس، فعلوا ذلك فى جرائمهم قبل ثورة 23 يوليو 1952 باغتيال المستشار أحمد الخازندار، ورئيس الوزراء النقراشى باشا، ثم محاولتهم الفاشلة فى اغتيال جمال عبدالناصر بميدان المنشية بالإسكندرية عام 1954، ثم خطة التفجيرات للكبارى والقناطر المتهم فيها سيد قطب عام 1965.
هذه الخلفية تقودنا إلى فهم طبيعة ردود الأفعال العجيبة التى صدرت من الجماعة، عقب تنفيذ حكم الإعدام أمس الأول فى محمود رمضان المتهم برمى الأطفال من أعلى عقار «سيدى جابر» بالإسكندرية عقب ثورة 30 يوينو وعزل الدكتور محمد مرسى، فى ردود الفعل قال بيان صادر عن «تحالف دعم الإخوان»: «إعدامه سيزيد من المظاهرات فى الشوارع والميادين»، وقال رجل الفتن وجدى غنيم: «نعتبره شهيدا عند الله ودمه فى رقبة الإعلام الذى قام بتلفيق الاتهامات له»، وهكذا ودون حياء تحول «الجماعة» المجرم إلى بطل.
تصنع «الجماعة» كذبتها، وكأنه لم يكن هناك تسجيلات حية للمجرم وهو يحمل علم القاعدة وراء ظهره، ويرمى الأطفال من فوق العقار، ولم تحتاج المشاهد إلى تعليقات أخرى، فكل ما فيه كان كافيا لتأكيد الجرم، وهناك من لم يستطع استكمال المشاهدة من فرط بشاعة ما يحدث، وبالرغم من كل ذلك تجد وبكل سفاهة من يزعم أن هذه المشاهد ملفقة، وأن محمود رمضان «شهيد»، وذلك فى تصرف يتطابق تماما مع مزاعمهم بعد كل عملية إرهابية بأنها من تنفيذ «جهات أمنية».