أصبح طبيعيا ألا يمر أسبوع دون أن تقرأ خبرا أمنيا ساذجا ينقل لك واقعة القبض على فتاة إخوانية تحمل بالونا عليه إشارة رابعة، أو طالب يحمل رواية جورج أوريل، أو شاب يرتدى «تى شيرت» عليه إشارة رابعة، أو خبرًا عن شطب مطرب من نقابة الموسيقيين، لأن أحدهم التقط له صورة وهو يرفع إشارة رابعة.
أصبح الأمر جزءا من حياتنا حتى وصلنا لتلك المرحلة التى أعلنوا فيها عن القبض على مواطن فى محطة مترو العتبة لأنه يحمل «تابلت» عليه صور من اعتصامات ومظاهرات الإخوان.
وقبل أن تسأل: وما مشكلتك؟! دعنى أخبرك أن مشكلتى تكمن فى أن هذه النوعية من التصرفات الأمنية تفتح دون أن تدرى بوابة واسعة لعودة الإخوان مرة أخرى للمشهد وبصحبتهم كمية من التعاطف تضمن لهم عودة مستقرة.
الأنظمة السياسية، ياعزيزى، تستمد احترامها وقوتها من جلال ووقار تحركات أجهزتها الأمنية، وتتحول الدولة إلى مرمى يستوعب أهداف النقد والسخرية إن رزقها الله بقيادات أمنية تمارس عملها مشبعا بالهوس.
لا أبخس رجال الأمن حقهم وهم يواجهون الإرهاب بصدور عارية ولكن على الجميع إدراك أن قرار ضبط واحدا غير مدروس، أو تصرفا أمنيا واحدا غير منطقى فى ظروف صعبة مثل تلك التى تعيشها مصر وهى تحارب تيارًا إرهابيًا يحظى بدعم خارجى، يشوه أجزاء كبيرة جدًا من صورة الدولة المصرية، ويمنح الخصوم من الإخوان والمتربصين فى الخارج فرصة إعادة تصدير 30 يونيو فى صورة الانقلاب العسكرى القمعى المضاد للحريات.
أقول لك ذلك لأن المنطق ومن اخترعه ربما يسقطان ضحية السكتة القلبية لو وصلهما خبر أن بعض المواطنين فى مصر يتم إلقاء القبض عليهم بتهمة حيازة ملصقات عليها إشارة رابعة، أو كتب ومجلدات إخوانية التأليف أو الهوى، أو لأن أحدهم رفع إشارة رابعة فى طابور مدرسة أو داخل مصلحة حكومية.
تفعل الأجهزة الأمنية ذلك وهى لم تتعلم من درس الماضى، وفى الماضى كان الإخوان يحصلون على قصة ظلم صغيرة تعرضوا لها من نظام عبدالناصر ويضخمونها وينسجون حولها الكثير من الأساطير التى تصدر للناس تعرضهم للاضطهاد والظلم من قبل الدولة، ومن هذا المستنقع التأليفى خرج لنا الكثير من الكتب والروايات عن بطولات زينب الغزالى واغتصابها إلى باقى القصائد الملحنة لجلب التعاطف، نفس هذه القصة يمكن إعادة تأليفها مجددا استنادا إلى تلك الأخطاء الأمنية التى تقتحم منازل الإخوان بعنف، أو تلقى القبض عشوائيا على طلاب وبنات لمجرد أن إشارة رابعة بحوزتهم، هذه القصص ستتحول فى الفترة المقبلة إلى أساطير يضاف إليها الكثير من البهارات الجالبة للتعاطف مع الإخوان.
هى إذن لعنة أمنية تبحث عن الخلاص السريع من صداع الإخوان بجمعهم فى السجون دفعة واحدة، دون تحريات واقعية وحقيقية عن ارتكاب جرائم دموية أو تحريضية أو اختراق لقانون الدولة، وهذا الاستسهال الأمنى يمنح الإخوان وغيرهم فرصة كبرى لتشويه الدولة، وتحويلها إلى صورة قمعية، وإعادة تقديم الجماعة مرة أخرى للمجتمع فى ثوب ضحية الاضطهاد الأمنى والإقصاء السياسى.. استقيموا وأفيقوا يرحمكم الله.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد
متقلقش
عدد الردود 0
بواسطة:
حائرة
سؤال للكاتب
عدد الردود 0
بواسطة:
ما تم رفضه أمس يرتكبه اليوم نفس من رفضه أمس
معك حق .. فالكيل فاض و ربما .... بمكيالين
عدد الردود 0
بواسطة:
حائرة
سؤال للكاتب
عدد الردود 0
بواسطة:
للأسف
الكيل بعدة مكاييل
عدد الردود 0
بواسطة:
قاهر الفئران
اختلف تماما مع كاتب المقال لان اكبر خطأ ارتكبته حكومة الببلاوى هو عدم الحزم رغم وجود الطوارئ
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
الماضي حاجة و دلوقتي حاجة تانية خالص .
عدد الردود 0
بواسطة:
Sami Ali
جدع يا محمد كلامك صح
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى للنخاع
واحدة واحدة
عدد الردود 0
بواسطة:
د العربي
الي رقم 6