ينطلق مساء اليوم قداس عيد القيامة المجيد بكاتدرائية السيدة العذراء مريم، بالعاصمة أمستردام بالمملكة الهولندية، وسيشارك اليوم فى عيد القيامة كل من السفير المصرى طاهر فرحات سفير مصر لدى لاهاى، وممثلو الجالية المصرية بهولندا، والعديد من المصريين ورؤساء المنظمات المصرية بهولندا.
من جانبه، قال الأنبا أرسانى أسقف هولندا وبلجيكا، فى رسالة الأسقفية للأقباط اليوم "إنه فى أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكرًا، والظلام باق، فنظرت الحجر مرفوعًا عن القبر" (يو 1:20)، فى يوم الجمعة ساد الظلام فى أفق حياة تلاميذ المسيح، ظلام الهزيمة، فقد ظنوا أن سيدهم هُزم، حين أخذه اليهود والرومان وصلبوه، وظلام الشك الذى ملأ قلوبهم من جهة حقيقته، وظلام الحزن على فراق ذاك الذى عزّاهم، وأراح قلوبهم، وملأ حياتهم سلاماً أثناء وجوده معهم، لكن بعد نهاية السبت قام المسيح، وخرج من قبره والقبر مُغلق، فلم يكن بحاجة أن يرفع الملائكة الحجر عن قبره ليخرج منه، وعندما نزل ملاك الرب من السماء ودحرج الحجر عن باب القبر، فعل ذلك ليثبت أن المسيح قام وأنه ليس فى القبر".
وأضاف الأنبا أرسانى، أنه بقيامة المسيح أعلنت السماء هزيمة الظلام.
وحديثنا سيتركز فى معنى قيامة المسيح، لقد أكدت قيامة المسيح أنه هو الذى صُلب على الصليب، عندما ظهر المسيح لتلاميذه بعد قيامته، وقف فى الوسط وقال لهم سلام لكم. "ولما قال هذا أراهم يديه وجنبه" (يو 19:20).
لقد قصد المسيح بأن يتأكد تلاميذه تمامًا أنه هو الذى صُلب على الصليب، ولذا أراهم يديه ليروا فيها آثار ثقوب المسامير، وأراهم جنبه ليروا فيه آثار الحربة التى طعنه بها أحد العسكر، ثانيا هى صدق نبوات العهد القديم ونبوات المسيح، حيث تنبأ داود عن قيامة المسيح فقال: "لأنك لن تترك نفسى فى الهاوية. لن تدع تقيك يرى فسادًا" ( مز 10:16).
وقد أعلن بطرس فى خطابه لليهود يوم الخمسين أن هذه النبوة تمت حرفيًا فى المسيح، "أنه لم تُترك نفسه فى الهاوية ولا رأى جسده فساداً" (أع 31:2)، وثالثاً أنه ابن الله وأعلنت وحدانية الثالوث، حيث أعلن بولس الرسول هذا الحق بكلماته "بولس عبد ليسوع المسيح المدعو رسولاً المُفرز لإنجيل الله، الذى سبق فوعد به بأنبيائه فى الكتب المقدسة، عن ابنه، الذى صار من نسل داود من جهة الجسد، وتعين ابن الله بقوة من جهة روح القداسة بالقيامة من الأموات. يسوع المسيح ربنا" ( رو 1:1-4 ).
وتابع الأنبا أرسانى فى نص رسالته بمناسبة عيد القيامة، أن القديس بولس أعلن عبوديته للمسيح، وأعلن أنه مُفرز لإنجيل الله، وأن هذا الإنجيل هو ما وعد به الله بأنبيائه فى العهد القديم، وأن قيامة المسيح أعلنت بقوة الروح القدس أنه ابن الله، وأن يسوع المسيح هو ربنا، مضيفًا: إن فى هذه الآيات المضيئة، نرى الآب الذى وعد بتقديم الابن ذبيحة لأجل خطايا الآثمين والذى أقامه من الأموات، ونرى الابن الذى أعلنت قيامته حقيقته، والذى أقام نفسه (يو 18:2-21)، ونرى الروح القدس الذى أعلن بقوة أن قيامة المسيح أكّدت حقيقة كونه ابن الله.
وأكد الأنبا أرسانى، أن قيامة المسيح أعلنت بما لا يدع مجالاً للشك أنه ابن الله الأزلى، فقد هتف توما الرسول - الذى ملأه الشك فى حقيقة قيامته - بعد أن رأى آثار المسامير فى يديه، وأثر الحربة فى جنبه، وتأكد من قيامته قائلاً له "ربى وإلهى" ( يو 28:20 ) وقَبـِل المسيح اعترافه، ورابع هذه الأمور هى أكّدت هزيمة الموت وأنارت الحياة والخلود، فإن لم تكن هناك قيامة من الموت وحياة أبدية، فحياتنا الأرضية يمكن أن ينطبق عليها ما قاله شكسبير، "قصة ترويها عجوز شمطاء جالسة إلى جوار النار"، لكن الله جعل الأبدية فى قلب الإنسان كما قال الملك سليمان "وأيضاً جعل الأبدية فى قلبهم التى بلاها لا يدرك الإنسان العمل الذى يعمله الله " ( جا 3 : 11 )، فقيامة المسيح أكدت هزيمة الموت، وأنارت لنا الحياة والخلود.. ولهذا كتب بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس" فلا تخجل بشهادة ربنا، ولا بى أنا أسيره، بل اشترك فى احتمال المشقات لأجل الإنجيل بحسب قوة الله، الذى خلّصنا ودعانا دعوة مقدسة، لا بمقتضى أعمالنا، بل بمقتضى القصد والنعمة التى أُعطيت لنا فى المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية، وإنما أُظهرت الآن بظهور مخلصنا يسوع المسيح، الذى أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل "(2تى 8:1-10)".
وتابع الأنبا أرسانى، بعد أن يتحلل الجسد الذى تعيش فيه ويعود إلى التراب الذى صُنع منه.. ستكون هناك قيامة بجسد كالجسد الذى قام به المسيح من الأموات، "فإن سيرتنا نحن هى فى السموات، التى منها أيضاً ننتظر مخلصاً هو الرب يسوع المسيح، الذى سيغيِّر شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده، بحسب عمل استطاعته أن يُخضع لنفسه كل شىء" (فى 20:3و21)، تحدَّث بولس عن الجسم الذى سيقوم به المؤمنون بالمسيح المصلوب، فقال: "هكذا أيضاً قيامة الأموات. يُزرع فى فساد ويُقام فى عدم فساد. يُزرع فى هوان ويُقام فى مجد. يُزرع فى ضعف ويُقام فى قوة. يُزرع جسماً حيوانياً ويُقام جسماً روحانياً... الإنسان الأول من الأرض ترابى. الإنسان الثانى الرب من السماء. كما هو الترابى هكذا الترابيون أيضاً. وكما هو السماوى هكذا السماويون أيضاً، وكما لبسنا صورة الترابى سنلبس أيضاً صورة السماوى " (1كو 42:15-49).
هذا هو رجاء المؤمنين الحقيقيين، الذين آمنوا قلبياً بالرب يسوع المسيح ونالوا خلاصه، وهذا الرجاء هو سرّ فرحهم وقوّتهم، لأنه "إن كان لنا فى هذه الحياة فقط رجاء فى المسيح فإننا أشقى جميع الناس" (1كو19:15).
"ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات"، وبقيامته أنار لنا الحياة والخلود.
فلنهتف من قلوبنا بفرح عظيم قائلين "المسيح قام.. بالحقيقة قام بنعمة المسيح".
الليلة.. قداس عيد القيامة بكاتدرائية السيدة العذراء مريم بهولندا
السبت، 11 أبريل 2015 05:56 م
الأنبا أرسانى أسقف هولندا وبلجيكا
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة