هناء عبد الفتاح

فى عشق الفسيخ والرنجة

السبت، 11 أبريل 2015 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى هذا الوقت من كل عام نستدعى صوت سندريلا الشاشة الجميلة سعاد حسنى وهى تقول: "الدنيا ربيع والجو بديع قفلى على كل المواضيع"، فتخرج وزارة الصحة بيانًا تؤكد فيه لكل من سيحتفل وسيقفل على كل المواضيع، أن وجبة الفسيخ غير آمنة وخطورة تناولها قد تؤدى للشلل التام والوفاة، وبعدها بساعات تكتظ محلات بيع الفسيخ والرنجة بالزبائن، فى تجمع لم يحدث طوال العام كله لشرائه وتناوله فى تجمعات الأهل والأصحاب، وكأن بيان وزارة الصحة مكتوب فيه "صحتك فى السمكة دى"، وليس تحذيرا من الموت بالتسمم!، يمكننا اعتبار أن العلاقة بين سمعة الفسيخ وعشاقه علاقة طردية، كلما ساءت سمعته زادت محبته، وزاد الإقبال عليه، وكلما زادت رائحة عفونته النفاذة، غلا سعره وكان الأفضل، لهذه الأكلة جمهور عريض لا يتأثر بكل ما يقال عنها ويعتبر كل التحذيرات منها شائعات مغرضة يبثها أعداء النجاح للنيل من مجدها وتربعها على عرش القلوب، لهذه الأكلة تاريخ طويل يعود لأيام الفراعنة، فقد كان للفراعنة عناية بحفظ الأسماك وتجفيفها وتمليحها وصناعة الفسيخ والملوحة واستخراج البطارخ منها، وجاءتهم فكرة صناعة الفسيخ من فكرة التحنيط، التى تميزوا وبرعوا فيها، وقال عنهم هيرودوث فى ذلك "إنهم كانوا يأكلون السمك المملح فى أعيادهم ويرون أن أكله مفيد فى وقت معين من السنة، وكانوا يفضلون نوعاً معيناً لتمليحه وحفظه للعيد "ستظل وزارة الصحة تحذر وسيظل الناس يأكلونه، فالبهجة فى نظر الكثيرين هى أساس الحياة، وفى الفسيخ بهجة كبيرة جدا لا يعلم أحد سرها لكنها بكل تأكيد كبيرة، حتى محاولات أولاد الدم والضلمة فى إلصاق الإثم والكبائر والخطايا بكل من يحتفل بعيد شم النسيم من المسلمين لم تجد نفعا ولم تؤثر على طقوسه ولا يزال العرض مستمرا كل عام بنفس الطاقة وبنفس الحماسة، إن البهجة التى يفرضها هذا الفسيخ "المنتن" غريبة فعلا وأقف أنا أمامها كثيرا، المائدة التى تحتوى على أطباق الفسيخ والرنجة والبصل والليمون لايمكن أن يلتف حولها أشخاص لا يضحكون ولا يشعرون بالسعادة، لا يمكن أن تحضر تلك الأكلة ولا تحضر معها البهجة والفرحة والمحبة بحجم رائحة العفن الصادر منها، هو عيد للمصريين جميعا ولا يقتصر على المسيحيين فقط، الكل سيأكل ماعدا من لا يحبونه فعلا وما عدا المعقدين والمتعصبين وأعداء البهجة والحياة، وبيدو أن وزارة الصحة فى عام ما ستصاب بالملل من لغة التحذير السنوية، التى لم تجد نفعا وستصدر بيانا تقول فيه "اللى عاوز ياكل فسيخ يتفضل يا كش تولعوا جميعا"!!





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة