نوارة نجم

تجديد الخطاب الدينى «2»

الأحد، 12 أبريل 2015 10:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لماذا حاجتنا إلى تجديد الخطاب الدينى؟ وهل هى حاجة برزت على السطح بشكل مفاجئ؟ وما الذى أجبر رئيس جمهورية مصر العربية على الحديث عن أمر كهذا؟

الحقيقة أن الحاجة إلى تجديد الخطاب الدينى ليست وليدة اليوم، ولا الأمس، بل إنها حاجة مُلحة منذ عشرات السنين، وربما أكثر، منذ أن تم غلق باب الاجتهاد مما يزيد على خمسة قرون مضت، لكن الأمر يحتاج إلى شجاعة، ومواجهة، ورغبة حقيقية فى تحقيق هذا التجديد، فالناس أسرى لما اعتادوا عليه، وقد تحول الدين فى مجتمعاتنا من إيمان إلى عادات وتقاليد، والمعلوم من الإنسانية بالضرورة أن الناس ربما يقدسون العادات والتقاليد أكثر من تقديسهم للإيمان، الأمر الذى يفسر حالة النفاق الاجتماعى الذى تعانى منه مجتمعاتنا، فهم ظاهريًا يحافظون على التقاليد التى ألبسوها لباس الدين، أما فى الخفاء فهم يفعلون ما تمليه عليهم بشريتهم التى تخطئ وتصيب، لكن ما دفع الرئيس عبدالفتاح السيسى حقًا للحديث فى هذا الأمر هو ظهور موجات من الإرهاب والتطرف التى توشك أن تودى بالبلاد الإسلامية إلى أتون الحرب، ومن ثم التشتت، والذهاب إلى غير رجعة فى غياهب النسيان.. الرئيس تحدث عن تجديد الخطاب الدينى من واقع كونه رجلًا عسكريًا، يحرص على الأمن القومى، وبناء عليه فقد وجد فى الخطاب الدينى المهترئ الذى مضى عليه قرون دون أن يمسه إنسان بتنقيح أو تنقية ما يولد جماعات متطرفة تهدد الأمن القومى.
والواقع أن هذا المنحى فى تجديد الخطاب الدينى ليس بالمنحى المُجدى، إن كنا حقًا نريد تجديدًا حقيقيًا.. الأمر برمته كما نقول بلغتنا الدارجة «شروة» على بعضها، إما أن تريد تجديدًا فى الخطاب الدينى يتعامل مع معطيات الواقع، ومع التطور الإنسانى، والنمو الحضارى للبشرية، بما فى ذلك من نمو علمى واجتماعى وسياسى، أو أنك لا تريد تجديدًا.
لا يستقيم أن تحاول ترقيع الخطاب الدينى بما يضمن لك ألا ينتج خطابك الدينى جماعات إرهابية، وفى الوقت ذاته تحتفظ بكل الأفكار والمعتقدات البالية التى كانت فى وقت من الأوقات تعد متقدمة جدًا إذا ما أخذت فى سياقها التاريخى، لكنها لا تتناسب والعصر الحالى، كما أن تطور العصر الحالى سيكون باليًا فى المستقبل.
إذا كنا نريد تجديدًا حقيقيًا، فعلينا أن نتمتع بشجاعة حقيقية، وكما أسلفنا فى المقال السابق، والذى أكرر أنه سيثير حفيظة أغلب عناصر المجتمع، فإن مفتاح هذه الشجاعة يكمن فى وضع المرأة فى المجتمع. مرة أخرى، لا يوجد مجتمع فى الدنيا حقق تقدمًا بينما تعانى المرأة فيه من أوضاع مزرية، والواقع أن الخطاب الدينى الحالى يعتبر عدوانًا على إنسانية المرأة فى عصرنا الحالى، وينعكس هذا الخطاب الدينى المتأخر على عقليات المواطنين، وتعاملاتهم، سواء أكانوا متدينين أم لا، لأن الدين يشكل جزءًا مهمًا من ثقافة المجتمع.. هل يريد حقًا الرئيس عبدالفتاح السيسى أن يدخل هذه المعركة؟ هل فكّر فى قيام هذه الاحتمالية بالأساس؟ وكيف نحافظ على مؤسسة الأزهر، وفى الوقت ذاته نطور الخطاب الدينى بما يحفظ الأمن القومى الذى بات مهددًا من جراء خطاب دينى يحض على العنف؟





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة