مساندة مصر للثورة اليمنية التى تفجرت فى 26 سبتمبر 1962 ليست تاريخا مضى، وإنما هو حاضر الآن وبقوة منذ بدء عملية «عاصفة الحزم» التى تقودها السعودية وتشارك مصر فيها، ومن المهم قراءة وقائع ما حدث فى الماضى، خاصة فيما يتعلق بدور إسرائيل فيه، ربما نعرف منه كيف تتصرف إسرائيل الآن.
الحديث عن تدخل إسرائيل ضد القوات المصرية التى ذهبت إلى اليمن عام 1962 جرى تداوله من سنوات طويلة، غير أن التقرير الذى ذكرته الزميلة هالة العيسوى فى جريدة الأخبار أمس نقلا عن الموقع الإلكترونى لصحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية بعنوان «أسرار الصراع المصرى الإسرائيلى فى اليمن» يكشف جانبا من أسرار هذه المرحلة.
يشير التقرير إلى اتصال الدبلوماسى البريطانى «دونالد مكلين» بالملحق العسكرى الإسرائيلى فى لندن «دان حيرم»، وأبلغه بمطلب بريطانيا، كانت تحتل جنوب اليمن، بمساعدة تل أبيب للإمام البدر الذى خلعه الثوار، وبعد أيام قليلة ظهر «مكلين» فى تل أبيب لملاقاة موشى ديان، ومائير عاميت رئيس الموساد، وأسفر ذلك عن موافقة مبدئية لإسرائيل فى التدخل، ودارت العجلة بوضع خطة «بيردون».
فى مساء 31 مارس 1964 قاد جنرال طيار أرييه عوز طائرة إسرائيلية نحو شمال اليمن بين معسكرات الجيش المصرى، ورأى عوز حرائق صغيرة، فأشعل الضوء الأخضر ليبدأ الإسقاط الجوى بعشرات من الحاويات الخشبية المعبأة بالسلاح والذخيرة والإمدادات الطبية، وأدى نجاح هذا الإسقاط إلى تعزيز ثقة إسرائيل وبريطانيا، ونتيجة لذلك توجهت 13 طائرة إسرائيلية على مدى العامين التاليين لتسليح القوات المساندة لـ«البدر» والتى تواجه القوات المسلحة المصرية، ونظرا لحساسة الموقف ظل هذا الأمر سرا.
يضيف التقرير، أنه فى يناير 1965 شنت مصر هجوما على طول الجبهة، كبد القوات الملكية خسائر جسيمة، ونتيجة ذلك اقترح البريطانيون خطة تقوم على قصف القوات الجوية الإسرائيلية القواعد المصرية فى صنعاء والحديدة، على أن يزعم «الملكيون» أنها كانت طائرة إغاثة أوربية، ووافق عيزر فايتسمان رئيس سلاح الجو، بينما عراضها رئيس الأركان اسحق رابين، ورئيس الوزراء ليفى اشكول ومنعا تنفيذها.
معرفة هذه الأمور ليس من باب التسلية بحكايات التاريخ، وإنما يتعلق بما نحن عليه الآن فى اليمن، ويطرح سؤالا، كيف تتابع إسرائيل ما يحدث؟