تنص المادة 74 من الدستور على حظر مباشرة أى نشاط سياسى أو قيام أحزاب سياسية على أساس دينى أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو على أساس طائفى. وفى تلك الخصوصية نجد أن اللغط مازال وسيظل دائراً حول ماهية وما هوية حزب النور وهل هذا حزب دينى أم مدنى كما يدعى تابعوه؟ نعم نحن لسنا جهة قضائية حتى نحدد جازمين ما هى هوية هذا الحزب ولكن هناك سياقات سياسية وممارساتية تجعلنا نناقش هذه القضية المهمة. فإذا كان الدستور يؤكد أننا دولة مدنية ديمقراطية حديثة، والدولة المدنية هنا وبعيدا عن التفسيرات والتخريجات الخاصة التى تتعنت فى تفسير المدنية وتدعى أنها ضد الدين من بعيد أو قريب، هى تلك الدولة التى تساوى بين مواطنيها فى الحقوق والواجبات دون تمييز بينهم لأى سبب حسب المادة 53 من الدستور، هى الدولة التى تعطى حرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية حسب المادة 64، هى الدولة التى تعطى لغير المسلمين الحق فى الاحتكام إلى شرائعهم المنظمة لأحوالهم الشخصية وشؤونهم الدينية حسب المادة 3، فأين حزب النور من هذا؟ النور يقول إنه ذات مرجعية إسلامية حسب المادة الثانية التى تقول إن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، أى أن الجميع لا النور وحده ملتزمون بتلك المبادئ عند التشريع وليس عند إصدار الأحكام القضائية، كما أن مقدمة الدستور قد أحالت تعريف المبادئ إلى أحكام الدستورية العليا وهى المبادئ قطعية الثبوت قطعية الدلالة، أى بعيداً عن تلك الفتاوى التى تخضع للآراء الشخصية ولهذه الاجتهادات التى يجوز الخلاف حولها وعليها، كما أن النور يدعى أن هناك فصلاً بين الحزب وبين الدعوة فى الوقت الذى تقود فيه الدعوة بقيادة د. برهامى إصدار تلك الفتاوى التى تعتبر المشكل الأهم لرؤية الأعضاء الدينية والتى يلتزمون بها فى مواقفهم وممارساتهم السياسية والحزبية، فهل فتوى حرمان المسيحى من منصب رئيس أو وزير أو نائب تؤكد إيمان الحزب بالمواطنة والمساواة فى الحقوق حسب الدستور؟ وهل فتوى تكفير المسيحى على مدار الساعة تؤكد إيمان الحزب بدولة المواطنة التى تقوم على التوحد والتشاركية والمساواة؟ يقول النور، إن الحزب مدنى ولا يخالف الدستور فهل تلك الفتاوى التى تترجم لممارسات عملية عند الأعضاء تتطابق مع الدستور، بل هل هم يؤمنون بالدستور أصلاً؟ وهل عدم احترام علم الدولة وسلامها الجمهورى يؤكد أى انتماء أو إيمان بهذا الوطن؟ أم أن القضية هى المصلحة وحدها التى تتحقق بمبدأ التقية الشيعى فى الوقت الذى يعتبرون فيه الشيعة هم أعدى الأعداء؟ أم هو تطبيق لمبدأ الضرورات تبيح المحظورات؟ هنا نحن لا ندعى عليهم هذا، بل هو ما تم إعلانه جهاراً نهاراً عندما أجبروا على تطبيق الدستور فى إعداد قوائم الفئات المميزة، فاضطروا لوضع أقباط على قوائمهم فوجدنا اعتراضا وثورة داخل الحزب وليس داخل الدعوة برفض وجود أقباط، فما كان من الحزب والدعوة إلا أن أصدرا فتوى لترضية الأعضاء وتهدئتهم بأن هذه ضرورة حتمها الدستور، وأن هذه فتوى وليست تعديلاً للحكم الشرعى الذى لا يجيز للأقباط الترشح للبرلمان، أى أن إجبار الحزب على ترشح أقباط لا يمنع ولا يغير إيمانهم وقناعتهم بعدم حق الأقباط فى الترشح، فلو ألغيت مادة التمييز فلا مكان للأقباط ولا غيرهم فى هذا الحزب. فهذا قليل من كثير ونحن لسنا ضد أى فصيل سياسى أو فكرى فى أن يمارس حقه الدستورى فى العمل السياسى فهذا مطلوب وللجميع، على أن يكون فى إطار الدستور والقانون بعيداً عن الاستغلال والمتاجرة باسم الدين، فالجميع متدينون، والإسلام ثقافة وتراث وتاريخ وعادات وتقاليد هو ملك لكل المصريين، فهل يمكن ألا نعيد الأحداث ونكرر الأخطاء، ونعمل من أجل وطن لكل المصريين؟