من وقت لآخر بحكم مهنة الصحافة تتوجه اهتمامات أى كاتب، أو مؤلف حسب ما تمر به المنطقة من أحداث وظروف، (بوكو حرام الحرب غير المقدسة بنيجيريا).. كتاب انتهيت منه للتو، بالرغم من أن الكتاب يتحدث عن سياسة جماعة إرهابية متطرفة نشأتها مبنية على معتوه مطالبها لم تتعدِ المطالب المحلية، وهى الإفراج عن مساجين بوكو حرام من سجون نيجيريا، فتشعر بالغثيان عند مقارنة مطالبهم بكم المجازر التى ارتكبوها، والوحشية والهمجية التى تتشابه والجماعات المتطرفة بسيناء للفت النظر، والإعلان عن وجود دموى فى سبيل التطرّف وإزهاق الأرواح التى تأتى بالأموال، يعتبر من أدق الكتب التى لخصت ووثقت الإرهاب مفهومه المختلف من دولة لدولة سلوكه وأسبابه وملابساته، لا من حيث السلوكيات المتطرفة التى باتت وصمة عار لكل إرهابى يحتمى بعلم أسود استعمل فيه اسم الله، لكن من منظور أوسع.
أهم ميزة فى الكتاب أن مؤلفه مايكل سميث لا ينطلق من مجرد بحث أو دراسة أكاديمية، ولكنه ينطلق من موضوع (معاشرة مباشرة) للوقائع التى حصلت بفضل سنوات الخبرة، واقترابه اليومى الوثيق من الواقع النيچيرى والإقليم بشكل عام، يعرض مايكل سميث فى كتابه الحرب بوكو حرام الحرب غير المقدسة، ما يعانيه أهل الشمال النيچيرى بشكل عام حيث الفقر المدقع، والتخلف الشديد اقتصادياً وثقافياً، مقارنة فى ذلك مع الأحوال الأيسر التى ما برحت تسود فى الأصقاع الجنوبية من البلد الأفريقى المذكور ومعظم سكانها، يضيف الكتاب أنهم يدينون بالمسيحية، أى أن نيچيريا بها ديانات متعددة ولغات مختلفة، بل وهناك من لا يزالون يعتنقون أديانًا أقرب إلى تكريس الطبيعة بكل تجلياتها، سواء كانت تجليات الغابة أو السهل أو الصحراء.
يتطرق مايكل سميث فى كتابه إلى حقيقة أن نيجيريا مازالت أكبر بلد فى أفريقيا من حيث عدد السكان، وتعد أكبر منتج للبترول على صعيد القارة السمراء، ما يشكل تناقضًا بين موارد البلد المذكور وبين تردى أحوال سكانه وخاصة فى ولايات الشمال، وهو تناقض فسّره الكتاب أيضًا حين عرض إلى آفات الفساد السياسى واقتصاد رجال الأعمال والمحسوبية التى أدت إلى تفشى الفقر وانتشار الجريمة، ما شكّل مرتعًا خصبًا لقيام ظاهرة التنظيمات الإرهابية.
يقول مايكل سميث :فى زمن غابر كانوا يسمونه (حروبًا مقدسة)، كانت فى عصور أو قرون سبقت فى تاريخ البشر، معارك يخوضها البشر دفاعًا عن عقائدهم الدينية وانتصارًا لما كانوا يعتنقون. أما فى زماننا الراهن فقد اصطلح الناس على وصفها بأنها حروب غير مقدسة، على الرغم من أنها ترفع رايات تحمل شعارات دينية وتلوك أفكارًا ودعوات تحاول الانتساب إلى الدين. يصدق هذا، على سبيل المثال، على الجماعة المنتمية إلى أفريقيا السمراء، جنوبى الصحراء الكبرى التى لاتزال تحمل العنوان التالى: (بوكو حرام، وترجمة هذا الاسم الأفريقى تنصرف إلى معنى أن التعليم الأجنبى حرام) انتهى شرح مايكل سميث.
القيم الإنسانية واستشراء الإرهاب وتفشيه، وما انتاب الشعوب من خسائر فادحة بالموارد البشرية ( الأرواح والاقتصاد رسخ مبدأ حرية الاعتقاد، بمعنى أن لكل إنسان فى الوطن حرية اختيار ديانته، وحرية ممارسة شعائر وطقوس وفرائض تلك الديانة، وهو ما تكفله كل الصكوك القانونية الدولية، وبالذات ما تنص عليه المادة 18 من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
نفس حكايات ومخلفات الإرهاب فى القارة السمراء لا تختلف كثيرًا عن بعض وأعتقد أن مخلفات الإرهاب على مستوى العالم بينها الكثير من أوجه المقارنة. ويقدم مايكل سميث القارئ بداخل الكتاب عن حكايات مفعمة بالأسى، قصص الضباط وقتلهم بطرق وحشية، واختطافهم، واستخدامهم كدروع بشرية أو نحرهم وكأن للإرهاب الأسود منهج واحد لكل متطرف، مريض ومتعطش للدماء يذاكر من نفس الصفحات السوداء زوجات فقدن العائل والسند، اغتصاب اطفال ثم قتلهم، أو قطع أطرافهم. حتى لا يكن مصدر فتنة (لا أنصح بقراءة هذه الكتب ليلاً).
الكتاب متعدد الفصول والتفاصيل والعديد من المواقف والتناقضات، والغموض البالغ.
تبقى أن نتطرق إلى نشأة بوكو حرام كما يراها الكاتب من نيچيريا عندما ترأس مكتب الوكالة الفرنسية فى منطقة أفريقيا بالغرب قضاها فى الفترة من ٢٠١٠: ٢٠١٣
بدايات بوكو حرام كما يؤرخ لها الكتاب ترجع إلى عام 2003 وجاءت أيامها على شكل تمرد ضد السلطات النيجيرية قامت به مجموعة من ذوى التوجهات العنيفة والمتطرفة فى السلوك، التى تجمعت فى منطقة تقع شمال شرقى نيجيريا، تحمل اسم كاناما.
ثم عمد زعيم هذه المجموعة، وهو محمد يوسف، إلى طرح صيغة اصطنعها لتفسير أحوال التخلف التى تعانيها ربوع الشمال المسلم فى نيجيريا،فى رأى محمد يوسف، الزعيم السابق لبوكو حرام أن أركان الحقبة الاستعمارية البريطانية هم الذين فرضوا على الشمال، وعلى البلد فى عمومه، نهجًا غربيًا يتنافى مع تعاليم الإسلام ومصالح المسلمين، مستعيناً فى ذلك بتفسير أصولي، كما يصفه المؤلف، ( مايكل سميث ) لبعض آيات من القرآن الكريم.
فى مدينة مايدو غورى أنشأ محمد يوسف مسجده وبدأت دعوته تنتشر بعنوانها الذى يومئ كما أسلفنا، وفى لغة الهاوسا الواسعة الانتشار فى تلك الأرجاء، إلى حظر ومن ثم تحريم التعليم الأجنبي، وإن كان هناك من خبراء الهاوسا من يضيف بأن كلمة "بوكو" إنما تشير أيضًا إلى معنى الغش الغربى وكانت الجماعة المذكورة قد أعلنت منذ ذلك الحين أنها تود أن يعرفها الناس على أن أفرادها هم الملتزمون بتعاليم النبى (عليه الصلاة والسلام) لنشر الدعوة والجهاد فى سبيلها يتوقف الكاتب هنا سبب هذا الإعلان (وذكر الأديان، والإلتزام وذكر الأنبياء والالتصاق تحت الشعارات كنوع من لفت انتباه الجماعات الإرهابية الأكبر والأكثر تمويلا وقدرة على الأرض.
فى عام 2009 بدأ اندلاع المواجهة بين بوكو حرام وسلطات الأمنية بالدولة وانتهت مناوشات مصادمات الطرفين بالقبض على محمد يوسف ثم اغتياله، فضلاً عن سقوط 800 شخص فقدوا أرواحهم فى تلك الأحداث. ثم جاء أبو بكر شيكاو الرجل الثانى بعد محمد يوسف.
تنظيم بوكو حرام تنظيم عنقودى ،محاط بهالات من الغموض لايعرفون جميعا بعضهم. ولا يكاد احد يعرف عدد أعضائه، يتركون لكل عنقود حرية التصرف حسب الظروف المحلية، انشاء دولة إسلامية كما يطلقون عليها.، تجنيد أكثر العناصر تطرفًا، تحريم التعليم. مجازر بوكو حرام.، كتاب غنى وأكثر اقترابًا للواقع.
وجاء شيكاو، اختلاف الجنوب والشمال ،طرق تجنيد واختيار اكثر العناصر الدينية تطرفا، تحريم التعليم الأجنبي، وتحريمه فى العموم على الفتيات ،انشاء دولة إسلامية هناك. فصول غنية بالأحداث والتفاصيل والملحوظات، والتعتيم، والغموض، وأحيانا الرعب، وكوميديا الغباء.. بعيدًا عن هذا الكتاب الغنى والمفيد الذى يكشف لك مدى التشابه والتنافر فى ان واحد بين الجماعات الإرهابية حسب ظروف البيئة ومدى تواطأ وتعاون العملاء معنا (على رأى) محمد يوسف اول زعيم لبوكو حرام؛ دائماً وأبدا هناك عملاء وهناك متواطأون بالداخل والخارج وأول من يعترف بهذا الإرهابى نفسه (اللى مشغل العميل تحت إيده).
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
اوضاع القاره السمراء لا تبشر بخير - الاطماع والفساد بدل التعليم والثقافه - انها سمه للقاره السوداء
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
طير فى السما
امريكا الراعى الحصرى
كلهم صناعة امريكية 100%انا نفسى اشوف الكتاب ده