أسماء مصطفى

حديث مع التراب

الخميس، 16 أبريل 2015 06:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نحتاج اليوم إلى التوقف والتريث والتأنى حتى لا نفقد تلك النعمة التى أنعم بها الخالق سبحانه وتعالى على بنى البشر وهى العقل، مشهد عبثى يتسارع كثيرون حتى يكون لهم دور بارز فيه غير مبالين بآلام الوطن أو صرخات الأمهات اللاتى احترقت قلوبهن بنيران الغدر والإرهاب، كلماتى لهن لن تداوى القلوب ولن يكفيهن العوض وليس أمامهن إلا التضرع إلى الله القدير ونحن لا نملك إلا الدعاء لهن، ولنا أن يتوقف نزيف الدم ويلهمهم الصبر والسلوان.

ونظرت إلى تراب أرضنا الغالية وجدتنى أتخيل الحديث معه ليصرخ قائلا اكتفيت من الدماء وتألمت من نثرى فوق رؤوس المكلومين والمكلومات واحتضنت ما يكفينا، أشعر بالعطش والجوع، تأملته وبهدوء شديد وجدتنى أقول له لقد شربت أغلى ما نملك دماء أولادنا.. صمت كثيرا حتى تيقنت أنى لا أسمع سوى أنفاسى، وأنه انصرف عن الحديث معى ولكنه عاود الصراخ بصوت أعلى مما سبق اقترب منى محدقا عينيه سائلا أتريدون الحياة ؟ أجبته نعم.

قال لى وأنا أيضا أريد الحياة، من قال لكِ إنى أريد الدماء ؟
جاوبته باندفاع إنك جماد وليس لديك روح ولا عقل وانتظرت منه الرد وأنا أراجع نفسى وأقول لها ما تلك القسوة التى أتحدث بها معه لماذا لا أبالى مثل الآخرين ما دمت أمتلك الروح والعقل لماذا لم أفكر فيما يريده ؟ وخاصة أن الله تعالى قال خلقت بأمره منه وأعود إليه .

العجيب أنه استعاد هدوءه وتبسم بطريقة عذبة وبصوت خافت هذه المرة أجاب : أنا الجماد الذى لا روح له ولا عقل أحتاج إلى الماء والفأس أحتاج إلى العمل والعرق حتى أساعدكم على الحياة انظرى لى وإلى تلك الأرض، اعطونا ما نحتاج، ننبت لكم ما تحتاجون، نوراى الأجساد منذ أن أرسل الله ذلك الغراب حتى يتعلم ابن آدم كيف يوارى سوءة أخيه، نتستر على أفعالكم أنتم البشر لم نطلب احتضان فلذات أكبادكم ولكنه قدرنا خلقتم لإعمارنا وخلقنا مسخرين لكم، فانشغلتم عنا باللغو والمتجارة فى أمور الدنيا والدين، لا تبكوا على شهدائكم إنهم أحياء كما قال الرحيم، ولكن ابكوا حالكم وأنا والأرض فى انتظاركم إذا أردتم التخلى عنا فلا نملك لكم من الأمر شيئا، ولا تقولوا وقتها صحراء جرداء راجعوا أنفسكم واتبعوا سبل الرشاد لديكم العلم ولديكم الضمير الذى قتلتموه قبل أن تموت الأجساد ودفنتموه داخلكم وصنعتم مقبرة من نفوسكم تقتلون وتلقون بداخلها كل ما أنعم الله به عليكم ، تتجاهلون دعوات العمل اعتاد البعض منكم وهم كثيرون الجلوس فوقى والثرثرة وتمنيت لو أصبت بالصم، وبرعتم فى الاحتيال على بعضكم واتخذتم من الطمع سما فى العسل وتذوقتم طعم الكسل فأصبح أُسلوب فى حياتكم .

استمعت إليه بشغف لم أنطق بكلمة وجدته محقا فيما قاله وانتظرته يكمل حديثه ولكنه صمت فسألته لماذا لا تكمل ؟

قال يكفينى حديثا معكم بنى البشر حطموا قبوركم المصطنعة داخلكم واسترجعوا ضمائركم وأخلاقكم اعملوا واحسنوا صنعا إذا أردتم إعمارى واذهبى إلى الأمهات المكلومات وقولى لهن إن الذى خلقنا أحن وأرحم علينا من البشر .









مشاركة

التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

البشر بسلبياتهم وايجابيتهم هم نتاج السلطه التى تحكمهم - ماذا تتوقعى من الظلم يا أسماء

العدل اساس الملك

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد ابراهيم

الانسان الذى فقد حياته

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة