هل كنتم تتصورون أن وباء التطرف الذى عصف بمصر منذ السبعينيات، ووصل إلى ذروته خلال السنوات العشر الماضية يمكن أن يمر دون أن يخلق تطرفا مرضيا مضادا فى الاتجاه، ومساويا فى الغباء والعنف والسذاجة والهمجية؟.. نواميس الله فى الكون ومسارات الأشياء وقوانين الفيزياء كلها تقضى بأن لكل فعل رد فعل مواز ومساو فى القوة ومضاد فى الاتجاه، وأن الغلو فى شىء لابد وأن ينج عنه مقاومة وغلوا فى الاتجاه المضاد.
لابد أن نتذكر ونحن نتعامل مع الدعوة الساذجة المستفزة لخلع الحجاب، كيف عانت مصر من دعاوى الجهلاء الذين شوهوا وسطية الإسلام الحنيف، وسعوا إلى اختزال الدين العظيم فى مجموعة من القشور من بينها فرض الحجاب بالقوة والدعاية الغوغائية، ولابد أن نتذكر أيضا كيف تدفقت الأموال المشبوهة إلى مصر لتجنيد الفنانين الفاشلين للترويج إلى الفكر الصحراوى، وتصوير أن ارتداء الشادور الإيرانى الأسود أو الزى الأفغانى الطالبانى للرجال والنساء أو البرقع الخليجى سيحل مشكلة المصريين ويستكمل إيمانهم الناقص ويجعل منهم بشرا أفضل.
ولابد ونحن نتذكر هذه التفاصيل المريرة أن نقف طويلا أمام ممارسات تجار الدين والانتهازيين، وكيف لعبوا على تدين المصريين الفطرى، وجرّوهم جرا إلى التطرف المقيت والإفقار الروحى، من السياسة إلى الاقتصاد والعلاقات الاجتماعية، فتحولت السياسة إلى رفع الأذان تحت قبة مجلس الشعب ورفض الوقوف تحية للسلام الوطنى أو للسلام الوطنى للدول الأخرى، وتحول الاقتصاد إلى توظيف الأموال وغسيلها وتداولها لضرب الاقتصاد الوطنى وتمويل خلايا الإرهاب من خلال حركة الكاش المشبوه فى الحقائب الدبلوماسية إلى من يسمون بشيوخ العلم الشرعى فى طول مصر وعرضها.
ورأينا أيضا كيف تحولت العلاقات الاجتماعية فى مصر، والتى تميزت بالتراحم والارتباط الأسرى ومحبة الحياة، إلى قسوة وغلظة وقطع للأرحام وجرائم كبرى وشاذة كلها بدعوى تطبيق شرع الله وتغيير المنكر باليد.
هذه الممارسات التى جرت تحت بصر وسمع نظام مبارك الاستبدادى ولدت احتقانا وكبتا وغضبا داخل قطاعات واسعة من المجتمع، وعندما سقط نظام الإخوان وظهيره من المتطرفين وانكشفت مؤامرات صناعة الأنظمة المتطرفة فى المنطقة العربية، كان لابد وأن نعانى من أمراض مواجهة التطرف من الإلحاد الساذج إلى دعوات خلع الحجاب إلى تقنين الحشيش والدعارة إلخ.
ولا أعتقد أن دعوات خلع الحجاب وأخواتها ستتوقف، بل سنظل نعانى من أمراض التطرف المضاد حتى يستعيد المجتمع عافيته وروحه، وحتى ذلك الحين لا تلعنوا التطرف والتطرف المضاد بقدر ما تفكرون فى حلول لمواجهتهما معا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة