اتهمت الأحزاب الحكومة بأنها لم تفعل شيئا من المقترحات التى تقدمت بها أثناء الحوارات الخاصة بتعديلات قوانين الانتخابات، فيما قالت الحكومة على لسان رئيس وزرائها، إنها أعدت القانون فى الموعد المحدد وأنها نفذت المطلوب، وبين هذا وذاك نحن فى الطريق إلى انتخابات برلمانية ربما تبدأ قبل شهر رمضان.
فى الاتهامات المتبادلة بين الحكومة والأحزاب حول ما جرى، تغيب قضية أراها أهم من كل ما تم الحوار بشأنه، وتتعلق بالبيئة السياسية السليمة للانتخابات، فبينما تبارى الجميع فى الحديث حول عدد نواب البرلمان مثلا، وحول هل تكون القوائم عددها ثمانى أم أربع؟ لم يتحدث أحد عن أننا بصدد انتخابات تعطى المقدمات بشأنها مؤشرات غاية فى السلبية، والفترة السابقة على حكم المحكمة الدستورية أكدت على هذا.
أثناء استعداد المرشحين بدا من كل التحركات، أننا أمام انتخابات ليس لها علاقة بالهم السياسى، وليس لها علاقة بالبحث عن المستقبل، وليس لها علاقة بالبرامج الحزبية والانتخابية، وليس لها علاقة بتنفيذ الأهداف التى قامت من أجلها ثورتا 25 يناير وثورة 30 يونيو، وإنما كنا أمام انتخابات تكاد تتطابق مع تلك التى كانت موجودة فى زمن مبارك، والتى اتسمت بالإنفاق المالى المبالغ فيه، وتسابق مرشحون يملكون المال على شراء الأصوات، وكان ذلك ترجمة عملية لمفهوم تزاوج الثروة بالسلطة، وترتب على ذلك أننا رأينا مجلس شعب معدوم القدرة فى تعديل أى مسار سياسى بحكم أغلبيته التى كانت تنتمى إلى الحزب الوطنى، فكانت الكوارث الكبيرة على كل المسارات السياسية والاقتصادية.
هذا المناخ السياسى الذى تصورنا أنه اختفى بثورة 25 يناير، وبالفعل اقتربت انتخابات 2012 من الجانب المأمول، وسجلت أعلى نسبة مشاركة، والأهم أنها دارت بالفعل حول هموم سياسية، ولم يكن المال عنصرا حاكما فيها، صحيح أنها انتهت بفوز جماعة الإخوان بالأغلبية، وبعدها حزب النور، إلا أن السبب يعود لأسباب أخرى.
لم ينصرف جهد الحكومة والأحزاب إلى القضاء على السلبيات السياسية المتوقعة والقاتلة، وحتى بعض الأطراف الحزبية التى حاولت أن تتحدث فى هذا الشأن أثناء الحوارات مع رئيس الوزراء إبراهيم محلب، لم تجد اهتماما، وبالتالى وجدنا أنفسنا على نفس الحال، مما يجعلنى أتوقع إلى حد كبير أننا سنرى انتخابات بلا ناخبين.