قاتل الله المتطرفين فى كل زمنٍ وفى كل دين.. فقد دارت الأيام ودقت على أبواب مصر طبول الحرب بين المتطرفين على اختلاف مذاهبهم وأفكارهم التى لم يحالفها قط الصواب، ولا يليق هذا أبداً بمصر، بلد الاعتدال والاتزان والشعب المتدين بطبعه بلا مغالاة ولا تشدد، فقد اعتدنا وتربينا على الوسطية الذهبية التى لا توجد بهذا التميز فى بلد آخر .
فلماذا يزايد علينا المزايدون من أقصى اليمين المتشدد لأقصى اليسار الأكثر تشدداً وتطرفا؟ وبين هذا وذاك ضحايا لهذه الفتنة التى لن تسقط بها مصر أبداً بإذن الله .
فعندما هبّت علينا ريح غريبة محملة بالتشدد والزيف والكراهة التى لم يعهدها شعب مصر من قبل بقدوم جماعة الإخوان المسلمين وما أفرغته بعد ذلك من عشرات الجماعات المتطرفة والتنظيمات التكفيرية المتعددة، هبّ شعب مصر على قلب رجل واحد رافضاً تلك المزايدات الغريبة على دينه، وهذه الأشكال التى نفر الكثيرون منها خاصة من قطاع الشباب، فكانت النتيجة شديدة السلبية، وبعد أن كان بعض المصريين يتوسمون الخير فى جماعة الإخوان على اعتبار أنها جماعة دعوية، تدعو الناس للدين بالحسنى وتساعد الفقراء وتقدم بعض الخدمات للمحتاجين، انكشف المستور وتأكد المصريون أنها جماعة آخر ما يعنيها الدعوة وأول أولوياتها الحكم والاستبداد باسم الدين وفعل الخير، من أجل المصلحة والمقابل من استقطاب وتسخير للبسطاء!.
ولكن ليس معنى رفض المصريين للجماعات اليمينية المتشددة ونفور بعض الشباب والفتيات حتى من بعض مظاهر الدين مثل الحجاب الذى قامت بخلعه الكثيرات، أن يلاقى المصريون ضالتهم فى كل ما هو على النقيض من ذلك، فكانت دعوة أحد الصحفيين الليبراليين للخروج فى مظاهرة نسائية تنادى بالتخلص من الحجاب منتهى التطرف هى الأخرى!.
ومن ذا الذى يستطيع أن يفرض على الشعب المصرى ذى الإرادة الحرة أن يقع فريسة تتنازعها شطحات المتطرفين فكرياً وعقائدياً من أقصى اليمين لأقصى اليسار؟ من ذا الذى تصور له نفسه المريضة أن المصريين سيتحولون يوماً إلى دُمى تحركها أيديولوجيات أو أفكار أو معتقدات مختلفة، وهو الشعب الذى لم تقو قوة استعمارية عظمى ممن توافدوا عليه على مر الزمان أن تبدل ملامحه أو تؤثر فى عاداته وتقاليده وطقوسه الدينية.. إنه شعب مسالم، لكنه ليس خانعاً مسيراً! يجنح للسلم إلى حين، ولكن إن تطاول الآخر وتجرأ على المساس بالخطوط الحمراء، ينقلب هذا المسالم إلى جندى فى ميدان الحرب، متسلحا بكل أسلحة العزم والإصرار على قهر كل ما هو عدو ودخيل.
ليس موضوعنا الآن الحجاب فريضة أم لا، أو كون الحجاب فرضاً أو زياً إسلامياً، لكننا ندافع عن الحرية بمفهومها الصحيح، من ارتدى الحجاب و من لم يفعل.
فهل هناك مجالاً للمزايدة على حرية تقاليد وعادات وتوجهات المصريين من جديد؟ هل ينتهز أحد هؤلاء المتطرفين فرصة حالة النفور التى تسبب بها المتأسلمين لدى جموع للجماهير، حتى ينشر أفكاره المناقضة تماماً ظناً منه أنها فى ظل هذا المناخ قد تلاقى استحساناً وإقبالاً عظيما؟
أقول له ولمن هم على شاكلته وفكره من المتشددين المتطرفين على اختلاف مذاهبهم وعقائدهم وأفكارهم: مصر دائماً وأبداً ستظل قبلة الوسطية فى كل الأزمان، وما دون ذلك لن يجد له مكانا بين صفوف المصريين .