بالطبع ومع خالص الفرجة على المناظرات بين الشيوخ والأساتذة، من أجل الخطاب الدينى، وبينما أعلن كل متناظر فوزه المبين على خصومه، بدا تنظيم داعش فى آسيا وإفريقيا وأوروبا بعيدا عن مناظرات الانتصار الفضائى، ويفضل مواصلة خطابه الدينى الخاص، ومتابعة نشاط خدمة دوله بمزيد من القتل والذبح. وبينما الجمهور منشغل بمتابعة انتصارات المناظرات، كان داعش يواصل دعايته لإسلام مختلف عما يتوفر فى القرآن والحديث، ورأينا إنجازات داعش.
خلال يومين فقط وفى عز الانشغال بمناظرات تليفزيونية اتضح أن الدواعش لم يتفرجوا على قنوات تحسين الخطاب الدينى ومناظرات اللاعبين الأساسيين والاحتياطيين. ففى مساء الخميس والجمعة ذبحت جماعة بوكوحرام الداعشية 19 شخصاً فى الكاميرون، وغالبية الضحايا تم قطع رؤوسهم، مع إحراق الأكواخ التى يسكنها الضحايا. ولا نعرف أى خطاب دينى وأى دين أصلا استندت إليه بوكوحرام، أو داعش، وما مدى نجاح مناظرات التوك شو فى إقناع داعش بالابتعاد عن الذبح.
بوكو حرام تسعى لإقامة دولة إسلامية بعد نجاح دولة داعش العراق فى نشر أكبر قدر من الخراب، الأمر الذى أغرى بوكوحرام بالسعى لإقامة دولتها، على أنقاض الفقراء، وقتلهم بلا شفقة. بوكو حرام قتلت أكثر من 13 ألفا فى شمال شرق نيجيريا وشردت 1.5 مليون خلال خمس سنوات، ومنذ أيام تم قتل طلاب الجامعة المسيحيين فى كينيا، وهو ما توازى مع إنجازات داعش فى ليبيا حيث أقدمت على قتل 28 إثيوبيا مسيحيا ذبحا ورميا بالرصاص، لأنهم رفضوا اعتناق الإسلام، أو دفع الجزية. ولا أحد يعرف أى إسلام يدعو له الدواعش، غير الذبح والقتل. وهل كان من الممكن أن يغيروا طريقهم، لو تابعوا مناظرات التوك شو لدينا.
لكن الواضح أن إنجازات داعش تتزايد فى أوساط الفقراء ممن يصبحون ضحايا. ففى أفغانستان أرسل داعش أحد أعضائه بدراجة مفخخة ليفجرها أثناء تجمع موظفين لتسلم رواتبهم من مصرف كابول، وتم قتل 34 أفغانياً، وجرح أكثر من 100 فى هجمات انتحارية. وفى نوفمبر الماضى فجر انتحارى نفسه وسط مشاهدى مباراة كرة يد فى ولاية بكتيكا على الحدود مع باكستان، مما أسفر عن سقوط 57 قتيلاً. وداعش وطالبان لا يتورعان عن تفجير مدارس وذبح نساء وأطفال.
واضح أن داعش وأخواتها لا تتابع تطوير الخطاب الدينى، مع أنهم نتاج لخطاب دينى استمر سنوات، وانطلق ليكفر المسيحيين والمسلمين والمختلفين، وينشر الكراهية والاكتئاب والفزع. وربما تبدو جهود إصلاح الخطاب واستخراج القمل والثعابين والقنابل من عقول الدواعش، فى حاجة لما هو أكثر من مناظرة، وأعمق من خطب عصماء.