بعدما برأت محكمة جنايات القاهرة مرسى و14 من قيادات جماعة الإخوان من تهمة القتل العمد فى قضية الاتحادية، فتحت المجال للكثير من التساؤلات حول مصير الضحايا، الذين سقطوا جراء الأحداث، أبرز تلك الأسئلة وأكثرها إلحاحًا فى الشارع المصرى وخاصة الوسط الصحفى، من قتل الحسينى أبو ضيف؟ لماذا صدر قرار المحكمة بالسجن المشدد بمدد تتراوح ما بين 10 – 20 سنة على مرسى وقيادات الجماعة فى تهم استعراض القوة والعنف والتنكيل بالمجنى عليهم؟ ولماذا صدر قرار آخر ببراءتهم من تهمة القتل العمد؟
المعروف قانونيًا أن حيثيات المحكمة توضح تلك الأمور الشائكة والعالقة بأذهان المتهمين وأسر الضحايا والدفاع، بل والشارع المصرى بأثره باعتبار تلك القضية واحدة من أهم قضايا الرأى العام، ولكن المتابع للقضايا الجنائية والمطلع على مواد القانون يعلم تمام العلم أن قرار المحكمة جاء مجزءا إلى شقين حكم بالسجن وبراءة، "براءة" لقصور تحريات الداخلية، التى عجزت عن تقديم دلائل كافية لإدانة المتهمين بتهمة القتل العمد، وهذا ما أكدته الجهات السيادية فى تقريرها للمحاكمة، والذى أفاد أن الطرفين استعانا بأطفال شوارع وبلطجية وشباب "ألتراس" وعدد من المأجورين، ما يتعذر معه الوصول للفاعل الأصلى "مرتكب جريمة القتل"، وانتهى الأمر بتحقيقات النيابة التى أشارت إلى وجود أسلحة غزيرة فى الاشتباكات، والواقعة كانت أشبه بحرب الشوارع، على الرغم من أنها قدمت دلائل كافية اطمأنت لها هيئة المحكمة فى تهم استعراض القوة والتنكيل بالمواطنين فصدر قرارها بالسجن.
إذًا فقد ابتعدت المحكمة عن توجيه تهمة القتل العمد للمتهمين وذلك لانتفاء وجود صلة ربط مباشرة بينهم وبين المجنى عليهم، فأصبح الاتهام مشاعًا أو ما يعرف قانونيًا بـ"شيوع الاتهام"، والتفتت إلى وجود أشخاص بعينهم تعرضوا للإصابة أو للقتل واتجهت إلى أن المتهمين استعرضوا قوتهم وعذبوا بعض المجنى عليهم، الأمر الذى يدع مجالا لفكرة شيوع الاتهام، التى تم الاستناد عليها فى براءة المتهمين من تهمة القتل العمد.
وبتطبيق مبدأ "شيوع الاتهام" فيما يتعلق بالصحفى الحسينى أبو ضيف، فإن الروايات قد اختلفت عما إذا كان قد قتل من جانب عناصر جماعة الإخوان أو من الجانب الآخر، وعلى الرغم من سماع المحكمة لشهادة 52 شاهدا فى القضية واطلاعها على التقارير، التى عرضت خلال 57 جلسة، فقد ظل الأمر مبهمًا ولم يقدم دليل واضح تطمئن له المحكمة فى إصدار حكم بالإدانة على مرسى وقيادات الجماعة.
إذًا الحسينى أبو ضيف قتل ومازال القاتل مجهولًا، المحكمة عقدت ونظرت الجلسات وصدر القرار ومازال دم "أبو ضيف" مشاعًا، وكأن من قتله اتخذ من كل قبيلة رجلا فتفرق دمه بين القبائل، ولم تهتد هيئة القضاء لحكم عادل ينصفه، دم أبو ضيف أضاعته الداخلية، التى قصرت فى إجراء تحريات واضحة فضاع الدم هباءً.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة