هل كان المجتمع المصرى قبل المتاجرة بالدين عبر الشاشات على ضلال.
وهل كان إيمان المصريين ناقصا قبل دخول تيارات تسعى للسلطة بالتمسح بأعتاب الدين.
وهل كانت المرأة المصرية عارية من الإيمان قبل أن يغطيها الحجاب.
وهل تجديد الخطاب الدينى يحدث بتجديد التعصب والانغلاق وتبادل الاتهامات فى «شوهات» إعلامية كاشفة لتشوهات الأفكار والطريقة والوعى.
وهل كان المجتمع فى حاجة لتفجير عبوات ناسفة من أفكار متطرفة عبر من ينتمون إلى الفئة المثقفة تتساوى فى تطرفها مع التطرف الدينى وتثير فتنة كما تفعل فتن تجار الدين.
الأيام الماضية من عمر المجتمع المصرى عاشها فى تساؤلات واضطراب بين تجار الدين وتجار الثقافة تضيع الكتلة العامة من الناس وتشوش أفكارها وتبقى بين نارين، نار تجار الدين ممن يبحثون عن التحكم فى رقاب ومصائر العباد ونار تجار التنوير الذين يروجون بضاعتهم تحت لافتة الصفوة وبعضهم لا يرى المجتمع إلا من ثقب إبرة ولا يعلم عنه إلا القليل مثل تجار الدين الذين لا يرون الدنيا والدين إلا من خلال «سلف» أغلبه غير صالح فى أفكاره وأفعاله ولا يمكن أن تعيش أمة فيما تختاره من أجزاء الماضى.
وفى ظل دوامات المناظرات تأتى دعوة ملغمة لخلع الحجاب دون أى اعتبار لأن هذه قضية محيرة للمجتمع وأسئلتها معادة دون إجابات دقيقة ورغم أنها قضية مهمة كأهمية تنقية كتاب التراث والبحث عن ثقافة دينية جديدة إلا أن طريقة الطرح فى هذه القضايا جاءت درجة ثالثة فهناك تطرف واحتقار للمجتمع.. هناك تشهير وإساءة فى قصة الحجاب لأى امرأة محجبة مؤكد جاءت دعوة الشوباشى على عكس ما أراد توصيله ولكن النتيجة طرح مشوه فأى عقل وأى مسؤولية.
إذا كانت القضايا المهمة يجب مناقشتها فلابد من اختيار التوقيت والطريقة ولكن الطرح فى مثل هذه القضايا جاء مبتذلا ومتدنيا وأحمقا، تعامل الإعلام مع هذه القضايا بمبدأ الإثارة والخناقة بين الأطراف دون عمق فكانت المعالجة متدنية ومتطرفة أيضا.
رد الفعل على مواقع التواصل الاجتماعى على طرح هذه القضايا فى الإعلام تحول إلى تشجيع أشخاص أو تبادل اتهامات تبدأ بالسباب وتنتهى بالتهديد وكأننا نعتمد طريقة أسوأ من جمهور الترسو.
وإذا كان يؤخذ على إسلام بحيرى أسلوبه فى طرح أفكاره والألفاظ المستخدمة من تحقير وسخرية وشتائم فالأعجب أن قادة من الأزهر عندما ردوا عليه استخدموا نفس الألفاظ ونفس الأسلوب فقامة دينية مهمة استخدم بكل سهولة لفظ «معفن».
التعامل والتفاعل مع قضية التراث والحجاب تؤكد أننا مجتمع، بجميع أطرافه، طريقتنا هى الانفعال وليس الفعل.
وعندما تمر هذه «الموجة» الانفعالية سننسى وننفعل فى معارك أخرى حقيقية أو مفتعلة وكل هذا كاشف لأن الأمراض المصرية باقية كما هى بل فى زيادة وسوف تصبح مزمنة فالمجتمع يدور حول نفسه ويعود للخلف وطول الوقت ممتلئ بالثغرات ويسهل اختراقه والمصيبة أنه مازال لا يتعامل بجدية ومهنية وأمانة وضمير وحكمة وعلم فى القضايا الكارثية، نحن انفعالات فقط.
والمؤلم والصادم أن صفوة وقادة الرأى فى هذا المجتمع أو النخب خبراء فى إهدار الفرص عن عمد أو عن جهل فالمؤتمر الاقتصادى الذى صنع جماهيرية كبيرة لم تحدث من قبل وخلق حالة معنوية عالية وشعور بالأمل وبذل الإعلام مجهودا كبيرا فى نقله ولكن بعد أيام قليلة دخلنا دائرة النسيان ولم يتم البناء عليه.
وكان الأولى أن نناقش كل مشروع طرح ونتابعه فالمتابعة والمناقشة بعمق ووعى نوع من الرقابة والإنجاز ولكن انتهى المولد وعدنا لموضوعات الاغتصاب والتحرش والحجاب والتراث إننا فعلا مجتمع فى غيبوبة.