كان عبدالرحمن الأبنودى يقول «علمنى كتر البكا الشرب فى حفانى»، وكنت أرددها وراءه فى مواسم الأحزان التى لا تنتهى، برحيل أصدقائى وأساتذتى والكثير من أحلامى، لم يكن الخال أستاذى وصديقى فقط، كان وجوده هناك يظلل أيامى بغلالة من الرقة والشجن، كان الكلام بيننا فى الشعر والشجر والبساتين والليل أكثر من أى كلام آخر، وعن المحبة التى لم يفهمها خصومه من أنصاف الموهوبين، كان صوته يفيض بهجة وخيرا، الذين اقتربوا منه لن يتمكنوا من الكتابة عنه، لأن الرجل الذى رحل أمس رالأول فى ذكرى صلاح جاهين كتب ما يكفى عن اللحظات نفسها، «ولا باعرف أبكى أصحابى غير فى الليل»، أكرر ما قاله النديم على لسانه:
«على كتف صاحبى باتكى
وبابكى لو جوايا دمع يتبكى
أنا ما فرحت إلا بكى
ولا بكيت إلا وكل الكون بكى
وحياتى مشوار الرحيل منك لكى
يا طيبة يا قاسية القلب
فى سكتك حتى العذاب يتحب
ماقولشى غير ليا وليكى رب
لا تشتكى منى ولا اشتكى
يكفانى ما بيا ويكفى ما بكى»
عبدالرحمن الأبنودى، هو صديق الغرباء الذى ملأ الدنيا بشعره وصوته وحضوره الفذ، الحالم الذى كان يخاف من الموت قبل أن تتحقق أحلامه التى بذل عمره فى سبيل تحقيقها.
حاقولها بالمكشوف:
خايف أموت من غير ما اشوف
تغير الظروف
تغير الوشوش..
وتغير الصنوف
والمحدوفين ورا
متبسمين فى أول الصفوف
خايف أموت وتموت معايا الفكرة
لا ينتصر كل اللى حبيته..
ولا يتهزم كل اللى كنت أكره..
اتخيلوا الحسرة
مأساتنا.. إن الخونة.. بيموتوا
بدون عقاب ولا قصاص..
مأساتنا
إن الخونة بيموتوا.. وخلاص
بدون مشانق فى الساحات..
ولا رصاص