إبراهيم عبد المجيد

رحل الأبنودى.. هل ارتحتم الآن؟

الجمعة، 24 أبريل 2015 07:33 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كتبت هنا منذ ثلاثة أسابيع غاضبا من الأخبار الرديئة عن رحيل الشاعر العظيم عبدالرحمن الأبنودى، تلك التى دأبت عليها خلايا إخوانية نائمة ومواقع إخبارية تبحث عن شهرة، كان أبسط ما قلته إن وفاة الشاعر العظيم لن تكون خبرا عاديا لا يشغل كل الصحف المصرية والعربية وكل الفضائيات، وأظن هؤلاء قد رأوا ذلك. لقد رحل الشاعر العظيم فى الموعد الذى حدده له القدر مثل كل البشر. كان الخبر لى مفجعا، رغم أنى حين عرفت بدخوله إلى المستشفى مرة أخرى، وإجراء عملية فى المخ للقضاء على الجلطات، دق قلبى خوفا، وأحسست أن الأبنودى يقترب من الوداع، ورغم ذلك نزل الخبر علىّ فاجعا، كثيرا ما تخلط بين خلود الأعمال الفنية وخلود أصحابها، ثم تصحو على الحقيقة، لقد انطلقت أرواح المبدعين الكبار بما يكفى إرهاقا للجسد الذى يحرر الروح منه فيهبط إلى أسفل وترقى هى إلى أفضل مكان، كل يذهب إلى أصله، الجسد إلى الأرض والروح إلى السماء، المدينة الفاضلة التى يبحث عنها الإنسان فى الأرض بينما هى فى السماء. لا يتصور الأدباء والفنانون والمبدعون أنهم راحلون، فهم من البداية متجاوزون للحياة العادية، ويبحثون عن الأفضل للبشرية ويعيشون فيه فيتحملون حقائق الأرض التى مع الزمن يكون لها القول الأخير، الأرض ظالمة لا تحب الارتقاء عنها إلا وهما وخيالا، لكن ما أجمله من خيال لا يعرف مذاقه إلا من أبدعه. غرباء هم الفنانون بين الناس وفوق الأرض، رغم أنهم لا عمل لهم إلا أن يعيش الناس على أرض أفضل، من تكرار الكلام القول بأن خلود المبدع هو إبداعه، هذه حقيقة، وكما نقرأ بيرم التونسى وصلاح جاهين وفؤاد حداد سيقرأ القادمون الأبنودى وسيستمعون إلى أغنياته ويبحثون عن دواوينه وكتبه ويحملونها معهم فى وسائل المواصلات فى الشتاء تدفئهم، وفى الغرف الوحيدة وسط الليل ورقا أو على أجهزتهم الإلكترونية، سيشعرن كما شعر الأحياء فى زمن الأبنودى بأنهم أقوى من الزمن، وأن الحياة يمكن أن تتغير بهم وتكون أفضل، فهى جديرة بأن تعاش مهما حاول الظلاميون والديكتاتوريون إخفاءها عنهم، أو الضحك عليهم بأحلام لا تتحقق منها إلا فائدة لهم، كم من القصائد والأغانى يمكن الاستشهاد بها هنا على عبور الزمن، كم من القصائد عبرت فوق العامية العادية - الزجل - إلى آفاق الشعر الإنسانى، عشرات من قصائد الأبنودى، وكم من الأغانى تمسكت بالوطن والحب العظيم بين المحبين، كل الأغانى، كلها كانت وطنا لقرائها ومستمعيها، لا أغالى فى ذلك أبدا، فأنا واحد من قراء شعر ومستمعى أغانى الأبنودى، ورغم أنى أغرق فى نفس العذاب الجميل، عذاب الإبداع بحثا عن عالم أفضل، فإنى لم أتوقف عن الدهشة والحب لما قرأت ولما سمعت منه، محطات وطنية رائعة مثل «عدى النهار» و«أحلف بسماها وبترابها» ومحطات إنسانية رائعة مثل «الخواجة لامبو» و«يامنة» ومحطات عربية لا تتكرر مثل ديوانه وقصيدته الطويلة «الموت على الأسفلت» زمن طويل مليئ بالعثرات والنكبات جعله الأبنودى يمضى بيقين فى أرواحنا أنه يتغير وسيتغير.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة