أخطر ما يمكن أن يواجهه مجتمع هو اليأس
أخطر ما يمكن أن يواجهه نظام هو يأس الناس من الحياة والمستقبل
أخطر ما يمكن أن تواجهه حكومة هو يأس الجماهير من أن تصلهم جهودها
فى فورة الثورتين اللتين مررنا بهما كان الأمل فى الذروة، وكان المصريون يمرون بلحظات عظيمة من النجاح والتفانى والالتحام، إلى آخر هذه المعانى التى تعبر عن شعب فى معركة وغالبيته العظمى مستعدة للاستشهاد فى سبيله، لكن هذه اللحظات العظيمة للأسف الشديد كان عمرها قصيرا، وانتهت فورة الأمل العظيمة وبدت فى المجتمع نبرات يأس متفرقة ومتباعدة لكنها دالة ومخيفة وتشير إلى أن ثمة شيئا خاطئا.
المحرومون والفقراء والمعوزون وما أكثرهم فى بلدنا، كانوا يأملون أن يغمضوا أعينهم ويفتحونها، فيجدوا أنفسهم وقد تغير بهم الحال من الحرمان إلى الاكتفاء والغنى، لكن ذلك لم يحدث كما تصوروا تماما رغم الجهود المبذولة، فوجدنا العامل الذى ينتحر لعدم قدرته على توفير طعام لأسرته ورأينا الفقير الذى يلقى نفسه فى النيل، وظل أطفال الشوارع على حالهم يكبرون ويتزايدون ويتناسلون فى الشارع، كما ظلت معدلات الجريمة الشاذة وزنا المحارم على حالها.
نظامنا الوطنى بعد ثورة 30 يونيو يسعى إلى صناعة حلم كبير يضم كل فئات المصريين، مشروعات قومية تشبه إلى حد كبير مشروع السد العالى فى الستينيات، وكان يأمل فى التفاف الجموع حول هذه المشاريع وأولها قناة السويس الجديدة وأن يتغنى بها الشعراء ويرسمها الفنانون ويعايش الروائيون مراحل تنفيذها، لكن ذلك لم يتحقق بالشكل المرضى، ربما لتقصير لدى المسؤول عن الثقافة والمسؤول عن التلفزيون الوطنى، فكلاهما لا يمتلك الخيال أو الوعى الكافى ليجعل من مشروعاتنا القومية وعيا عاما شعبيا لدى الناس، ولا يعرف كيف التفت النخبة فى الستينيات حول ثورة التصنيع والبناء التى قادها عبدالناصر.
وكان على إعلاميينا المستنيريين أن يتوحدوا فى المعركة الشرسة ضد الإرهاب، وأن يبشروا الناس بالأيام المقبلة ليحافظوا على جذوة الأمل داخل قلوبهم، لكن الحادث أن إعلاميينا تسابقوا حول صناعة الإثارة والمعارك التافهة التى لا تترك إلا أثرا سلبيا لدى عموم الناس، وسواء كان ذلك لعيب فيهم أو عيب فى طبيعة توجهات الفضائيات، لكن النتيجة تعزيز اليأس والفرقة بدل احتضان الأمل والإيمان بالغد الأفضل.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة