أكرم القصاص

خبراء الفوسفات السياسى

السبت، 25 أبريل 2015 07:27 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ومن الفوسفات الكيميائى إلى الفوسفات السياسى يبقى الفتى، ويتوالى ظهور الخبراء الاستراتيجيين والتكتيكيين ممن يفهمون فى كل القضايا من السدود والطاقة، إلى حرب اليمن ومياه الشرب، ومن مكافحة الإرهاب إلى مقاومة الآفات، وكل منهم يجلس على كنبته، يتابع «الريتويت» و«اللايكات»، ويعوم فى بركة من العلم اليقينى اللدنى الذى لايأتيه الباطل من أى مكان، من دون أن يفتح الله عليه بأى اقتراح عملى.

ولم يكن الفوسفات وحده هو الذى أيقظ عددا هائلا من الخبراء فى التعدين والرى أماط اللثام عن ثروة مصرية من الخبراء، لكن كل قضية واجهناها، لاقت وتلاقى الكثير من كبار الخبراء الذين لايفوتون الفرصة ليعلنوا رأيهم بكل تفصيل، وترى عجبا على صفحات التواصل.

وحتى لا نظلم أنفسنا وغيرنا، هناك فى كل مكان فى العالم عدد محدود من الخبراء يظهرون فى كل أزمة أو يحللون كل قضية، وترى الواحد مختصا يذاكر هذه القضية ويبحثها ويتحدث فيها ويشرح خفاياها مصحوبة بـ«أعتقد وأظن ويبدو»، لكن عندنا الواحد «يا دوب
قرأ تقريرا مترجما، يتماهى معه ويؤمن به ويتبناه، ويحذف اسم مؤلفه، ليبدو عالما خبيرا بشؤون «الفوسفات».

واكتشفنا مع أزمة انقلاب الفوسفات، أن لدينا خبراء لا حصر لهم فى عالم الفوسفات، وعندما بدأت الأحداث فى اليمن، ومن غير مقدمات، وجدنا عشرات «الخبراء» «يبغبغون» بتحاليل كلها تقوم على خبرات الستينيات، من دون مراعاة لفروق التوقيت أو الجغرافيا والتاريخ، ومع عاصفة الحزم حذروا من الدخول البرى لليمن، ولما توقفت العاصفة الجوية وبدأت الدعاية للحوار خرج نفس المحذرين ليعلنوا عن هزائم أو انتصارات، ويحددون المنتصر والمهزوم، من دون أن يغادر الواحد منهم كنبته. ومن المدهش أن نفس خبراء الفوسفات، كانوا خبراء فى اليمن، لا فرق عندهم بين تحليل أوضاع أو تحليل كيميائى. وهم أنفسهم يحللون سدود إثيوبيا وأحراش أفريقيا، وأسود آسيا، وثعالب القطب الشمالى.

كل هذه الخبرات والخبراء، مؤيدين ومعارضين، يفتون فى كل شىء، لكنهم يعجزون عن تحديد مطالبهم، وترى الأحزاب مثلا عاجزة طوال أربع سنوات عن تدريب كوادر للمحليات أو النزول للشارع، أو تقديم مبادرات أو إقامة تحالفات، تطالب بالانتخابات، فإذا جاءت أعلنت الانسحاب.

والنتيجة أننا أمام محللين لكل شىء إلا أنفسهم، وتوك شو يغنى ويرد على نفسه، نشطاء أصبحوا إعلاميين ومذيعين أصبحوا نشطاء. والفوسفات السياسى أخطر من الكيماوى.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة