أنا على يقين بأن الدعوة الشاذة والخاصة بتنظيم مظاهرة لخلع الحجاب فى ميدان التحرير والتى أطلقها المدعو شريف الشوباشى، قد استفزت ملايين المصريين، سواء أكانوا مسلمين أو أقباطا، بل لا أبالغ إذا قلت إنها استفزت عددا كبيرا من الشخصيات المحسوبة على التيار الليبرالى فى مصر، الجميع رفض مثل هذه الدعوات التى لا تخدم إلا أعداء مصر المحروسة، وتؤدى إلى اشتعال الخلاف على أمور يحاسب عليها الله وليس البشر، ولكن سؤالى الآن والذى أحاول البحث عن إجابة عنه فى كتب التاريخ، حيث إننى مؤمن إيمانا مطلقا بأن أوجاعنا التى حلت على المجتمع تتشابه كثيرا مع تلك الأوجاع التى أصيبت بها المجتمع الإسلامى فى دولة الأندلس قبل انهيارها.
ولقد سطر العديد من المؤرخين والباحثين آلاف الأسباب وراء انهيار دولة الأندلس أهمها الانهيار الأخلاقى والدينى، هذا الانهيار الذى أدى إلى محو الإسلام منها، وطرد كل ما هو عربى سواء أكان مسلما أو يهوديا، أو حتى مسيحيا من جنة الأندلس بعد أن عاش فيها هؤلاء جميعا أمة واحدة لأكثر من 800 عاما، ولم يكن التدهور العسكرى أو الاقتصادى هما السببان فقط وراء انهيار دولة الأندلس، بل ظهر عامل خطير أراه أنه أهم من التدهو العسكرى والاقتصادى كان هو السبب وراء نهاية دولة الأندلس، ومن أخطر هذه العوامل هو بداية استخفاف بعض الناس فى دولة الأندلس بالدين، وتجردهم من الأخلاق والقيم، ولم يعد هناك وازع من دين أو ضمير، فقد ذكر ابن حزم أن إبراهيم بن سيار النظام، رأس المعتزلة فى الأندلس، عشق غلاماً مسيحيا فوضع له كتاباً فى تفضيل التثليث على التوحيد تقرباً إليه، كما يذكر أيضاً أنه فى ذلك العصر قد عظم البلاء فهان القبيح، ورق الدين حتى رضى الإنسان بالفضائح والقبائح مقابل وصوله إلى مراده وشهوته، وقد حكى كثير من القصص حول هذا الموضوع منها ما ذكر حول عبدالله بن يحيى الأزدى المعروف بابن الحريرى، فإنه رضى بإهمال داره وإباحة حريمه والتعريض بأهله طمعاً فى الحصول على بغيته من فتى كان عشقه، هذه أهم مظاهر الانهيار الخلقى التى حلت بالمجتمع الإسلامى فى الأندلس، وقد انعكست آثار ذلك على قوة المسلمين فأضعفتها، وكانت هذه هى بداية النهاية لأعظم دولة إسلامية حكمت فى أوروبا، والآن نرى نفس المشهد يتكرر ليس فقط فى مصر، بل فى أغلب الدول العربية والإسلامية والتى تتشابه كثيرا فى ظروفها مع دويلات ملوك الطوائف فى بلاد الأندلس اللهم احفظ أمتنا العربية والإسلامية من نفس مصير الأندلس، اللهم آمين.