مؤشر البوصلة دوما يولى وجهه شطر الشمال إن مال قليلاً مالت السفينة معه وخاب مسارها، ومؤشر الخطاب السياسى دوماً يولى وجهه شطر قلوب وعقول الجماهير إن انحرف أو استكبر أو ابتذل نفسه تنحرف معه أصوات الجماهير وتذهب إلى حيث توجد صناديق الخصم.
رغم الفجوة الشاسعة بين كل ما هو ديمقراطى وما هو ديكتاتورى، يبقى الهدف من مخاطبة الجماهير سواء أسسه الأول على الحق والحرية وكتبه الثانى بقواعد من خوف وترهيب هو استمالة الجمهور والتأثير فيه.
يعرف نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى أو الأحزاب التى يمكنك ترقيم أعضائها دون الحاجة إلى إضافة صفر رابع أن الديمقراطية ترويها صناديق الانتخابات، وصناديق الانتخابات ترويها أصوات الناخبين، وأصوات الناخبين لا يحركها سوى خطاب سياسى يعرف جيدا الجمهور الذى يريد الوصول إليه، وكيف يصل إليه ويسيطر على عقله وقلبه؟ ومع ذلك لا يمل بعضهم من السخرية أو الامتعاض أو استنكار كل الأصوات التى تخبرهم بأن النجاح السياسى طويل المدى لا مجرى له سوى العمل بين الناس وصياغة خطاب جماهيرى قادر على استمالتهم أولاً ثم استعدال مزاجهم السياسى ثانياً، ثم تقويم وعيهم الوطنى والاجتماعى ثالثاً.
يسخر النشطاء ويبحثون فى خطابات وتحركات خصمهم على ثغرة حتى ولو كانت صغيرة يصنعون منها نكتة تكفى لسهرتهم على مواقع التواصل الاجتماعى، وفى وطن تعاقب على شعبه فى الثلاث سنوات الأخيرة سياسيون وإعلاميون لا يجيدون تحديد جمهورهم أو نوعية خطابهم السياسى والإعلامى الذى كان يأتى دوماً مشتتا وتائها من شدة حرصه على إرضاء الجميع كانت الأمور تسير دوماً على ما يرام.
السيسى دون قصد أو ربما بقصد فعل كل شىء قد لا يرضى عنه بعض ممن يرون فى أنفسهم قوى مدنية ثورية أو معارضون ولكنه نجح فيما فشل فيه الآخرون على مدار السنوات الثلاث التى أعقبت الثورة.. كان يعرف الجمهور الذى يريد أن يتكلم معه، ويعرف جيداً بأى طريقة يتواصل معه ويؤثر فيه.
يرى البعض أن خطابات السيسى تداعب المشاعر الوطنية بحنان زائد وشعارات نستنسخها فى مصر منذ زمن عبدالناصر، وتقول السياسة وقواعدها فى مختلف دول العالم إنها براجماتية تسير على قوائمها قوية حينما يلعب رجالها بما يكسبون به لكسر الحاجز الأول مع الجماهير، والسيسى لم يفعل شيئاً سوى أنه طرق على الباب الصحيح لشعب تربى فى أحزانه وأفراحه الكروية والسينمائية والسياسية على لحن حماسى واحد لأغنية «المصريين أهمه حيوية وعزم وهمة»، المعارضون للرئيس يسخرون من جولاته فى المشروعات ومن صوره السلفى مع الشباب، ومن صوره فى طريق مصر إسكندرية الصحراوى، ولكنهم يغفلون تماما أنهم أنفسهم كانوا الأصوات التى سمعها المصريون لعشرات السنين وهم يعتبرون ما يفعله السيسى اليوم من ظهور غير تقليدى وخطاب ارتجالى من ضمن الأمنيات فى الرئيس الذى يرغبونه على غرار ما يحدث مع رؤساء أمريكا وأوروبا.
السيسى يفعل الآن ما قال المثقفون والسياسيون للشعب المصرى بأنه من صفات الحاكم الجيد، بينما يقف الآخرون على ضفة مغايرة مستنكرين فكرة النزول إلى الناس والأخذ بأيديهم غافلين عن تجارب تاريخية كثيرة أثبتت أن أولى خطوات الارتقاء بالشعوب هو النزول إليهم عبر درجات سلم يعرفونه والصعود بهم من حيث توجد درجات سلم التقدم والتطور الحضارى الذى تعرفه النخبة أو هكذا نتصور.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
الفانون هو الحل والشاكوش هو الانقاذ
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
هشام
مطلوب من الرئيس
عدد الردود 0
بواسطة:
قاهر الفئران
الرئيس السيسى يبذل اقصى مجهود من اجل مصر وباقى المسئولين من اول الحاج محلب على النقيض