72 ساعة مرت بالتمام والكمال على واقعة تسمم 576 مواطنا بمنطقة الإبراهيمية بمحافظة الشرقية، ويبدو من ردود الفعل الرسمية أن الجميع يخلى مسؤوليته بالواقعة، هيئة المياه والشرب من اليوم الأول أعلنت أن المحطات سليمة والأزمة فى «جراكن» المياه التى يستخدمها المواطنون، بينما خرجت المعامل المركزية بوزارة الصحة بأن النتائج سليمة والمياه صالحة للشرب، فيما سعى وزير البيئة، الدكتور خالد فهمى، لضرب كرسى فى الكلوب وشرب كوب ماء من محطة المياه لنفى فكرة التلوث تماما، ليبقى السؤال الأساسى: من أين جاء التسمم إن كانت المياه سليمة؟
لم يجب عن السؤال أى مسؤول بالدولة، حتى خرج علينا مدير أمن الشرقية، اللواء مليجى فتوح، ليعلن فى تصريح رسمى أن أبعادا سياسية وراء وقائع التسمم، وهنا لا يمر التصريح عابرا، يجب التوقف عنده، لأنه يعيدك من جديد لعصور قديمة نشأت وترعرت على تعليق الحرائق الجنائية للماس الكهربائى، وتعليق جرائم القتل الغامضة للمعتوهين أو المرضى نفسيا.
اللافت أيضا أن طرح البعد السياسى وراء الحادث يجعلك تفقد إيمان البلد والمسؤولين فيها بالوصول إلى الحقيقة من وراء التسمم ومحاسبة المسؤول أو على الأقل الاعتراف بالخطأ فى واقعة هزت محافظة بأكملها.
ضف إلى واقعة تسمم الشرقية واقعة انهيار جزئى بكوبرى المنيل على طريق الجمصة المنصورة بواقع 2 متر ونصف المتر، وبعد ما تقول «ربنا ستر مفيش وفيات» اقرأ الخبر بشكل مختلف، واسال نفسك لماذا وقع هبوط فى الكوبرى، رغم أنه حديث، ولماذا هى الواقعة الثانية بعد كوبرى بركة السبع الذى انهار قبل 5 شهور ولم يمر على إنشائه بالأساس 10 سنوات؟ وبجانب السؤالين سؤال ثالث عن الكوارث اليومية على الطريق الدائرى من مطبات وفواصل، ستكتشف أنك أمام منظومة فساد على الطرق، أبطالها هم أصحاب مقاولات الطرق الذين لا يراعون الله فى عملهم، ويكون نتيجتها عددا من الموتى يوميا على الطرق.
للعلم، ليس بعيدا أن تجد تصريحا بعد أسبوع بأن الجماعة الإرهابية وراء هبوط كوبرى المنيل أو المطبات والفواصل على الدائرى من قبيل تبرير الحوادث، وعدم الاعتراف بأننا نعانى قصورا هندسيا بشبكة الطرق والكبارى، نحن جزء أساسى منها.
للمرة الأخيرة، ضف للطرق وللتسمم واقعة اصطدام قطار مترو العباسية وخروجه عن القضبان، طبعا بعد ستر ربنا، أن القطار خالٍ من المواطنين، لكن اسأل نفسك، لماذا قطار العباسية الجديد بالتحديد لا يقف فى محطته، هل لعيب فنى فى القطار نفسه أم شماعة جديدة بأن أبعادا جنائية وراء الأمر وأن شخصا ما فصل «الفرامل»؟
لو حللت بهدوء الوقائع الثلاث، ستكتشف أنك أمام إهمال من جهاز الدولة يتساوى فى خطورته على البلد مثل الإرهاب الذى تمارسه الجماعات الإرهابية فى سيناء، وستكتشف أنك أمام لا مبالاة من المسؤولين تجاه قضايا تشغل بال الرأى العام بأكمله.