أن تقع الكارثة فهذا قضاء الله وقدره، نسأله اللطف فيه ونرجو كرمه
أن تفشل فى التعامل مع الكارثة فهذا قصور من الدولة وأجهزتها، نسألها التقويم وحساب المقصر ونغضب إن لم تفعل، وهذا يفسر لك سر حالة الارتباك والتململ المنتشرة فى الأجواء الآن؟ الغضب ليس من الكوارث، بل من طريقة التعامل مع الكوارث.
وكيف لا يصاب أهل الوطن بالارتباك ومن بين أيديهم وخلفهم وأمامهم مياه ملوثة بالبترول فى الإسكندرية والفوسفات فى قنا، وبالصرف الصحى فى باقى المحافظات، وقطارات تخرج عن المسار، وأبراج كهرباء تنفجر، وكوبرى ينهار فجأة، والأهم من كل ذلك يترنح الأهلى كما لم يترنحوا من قبل.
اللخبطة التى يسببها سوء إدارة الأزمات الماضية لا تدعو للقلق سرعان ما تختفى مع أول تحرك جيد من الحكومة على أى مستوى، أما اللخبطة التى تنتج عن تضارب تصريحات المسؤولين، فتلك تجرح جدار الثقة القائم بين السلطة والشعب، وهو بالقطع أخطر.
فى الأيام العشرة الأولى من إبريل لم يترك المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء مكانا إلا وصرح من خلاله أن الانتخابات البرلمانية قبل رمضان، فعلها وأدلى بتصريح التأكيد على موعد المرحلة الأولى من الانتخابات فى 4 صحف مصرية و3 محطات فضائية، وكان آخر تصريح صدر منه للتأكيد على إقامة الانتخابات قبل رمضان فى يوم 11 إبريل الماضى، ثم غاب السيد رئيس الوزراء وسكت عن الكلام المباح فى مسألة الانتخابات، وعاد ليطل على الناس مجددا فى 25 إبريل ويؤكد من إندونيسيا أن تحديد موعد الانتخابات البرلمانية فى يد اللجنة العليا للانتخابات وحدها، ولا يحق لأحد التدخل ودور الحكومة توفير الدعم اللوجستى لإتمام العملية الانتخابية على أكمل وجه.
هكذا وبكل بساطة أجاب السيد رئيس الوزراء عن سؤال حول موعد الانتخابات، دون أن يفسر أو يشرح لنا سر تأكيداته السابقة على إقامة الانتخابات قبل رمضان، وهل حديثه فى موعد الانتخابات كان تدخلا منه فى أعمال اللجنة العليا للانتخابات، أم أن الرجل اكتشف سوء تقديره للموعد فقرر أن ينسحب دون أن يدرى أن انسحابه بهذه الطريقة يشبه الخروج من «حفرة» للوقوع فى «دحديرة».. حفرة تحديد موعد فردى لا يتناسب مع ظروف الصيام والامتحانات، إلى «دحديرة» التدخل فى أعمال اللجنة العليا.
لم يتوقف الأمر عند «الحفرة» و«الدحديرة» التى تنقل بينهما محلب، بل سقط فى الفخ، حينما أكد الرئيس السيسى فى كلمته بمناسبة عيد العمال أنه لا انتخابات قبل رمضان بسبب الصيام وامتحانات الثانوية العامة، والفخ الذى سقط فيه محلب وسحب آلية الدولة معه بسبب تصريحاته غير المدروسة يتلخص فى الآتى:
تضارب تصريحات بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بشكل يوحى بأنه لا تنسيق، بل كثرة التأكيد من جانب رئيس الوزراء اضطرت الرئيس للتدخل وتصحيح الموقف.
رئيس الوزراء لا يذاكر بشكل جيد قبل إطلاق تصريح غاية فى الأهمية مثل تحديد موعد إجراء الانتخابات.
رئيس الوزراء تدخل وأعلن أكثر من خمس مرات موعد الانتخابات، ثم اكتشف فجأة أن ذلك تدخلا فى أعمال اللجنة دون أن يقدم أى اعتذار.