السؤال الأشهر الآن هو: إيه اللى بيحصل ده.. إيه اللى أنا شايفه ده.. مين مع مين ومين ضد مين؟، والإجابات لا تروى الظمأ، لا توجد إجابات أصلا، لأن السائل والمسؤول فى نفس القائمة المرتبكة بالاتهامات.
قلت من قبل إن أفضل طريق لدعم الثورة، أى ثورة، هو ألا ننافق الثورة وأهلها، وسأظل أقول ذلك طالما ظلت عمليات «النفخ» فى الثورة وشبابها مستمرة بهدف الفرقعة، جهات ما تستميت فى تفخيم الثورة سواء 25 أو 30 ووصفها بقوة ليست فيها، وإظهارها وكأنها نجحت فى تغيير كل شبر من أرض مصر، وبالتالى لا داعى لأى كلام حول استكمال مسيرتها الأساسية الهادفة للتغيير والتطهير، فلا الأولى كان هدفها إزاحة مبارك فقط، ولا الثانية كان هدفها عزل مرسى فقط، وسبب تلك الفعلة الكاذبة فى رأيى أمران لا ثالث لهما سوى الشيطان!
الأمر الأول يتعلق بنفاق السادة المتحولين الذى ربما يكون دافعا وراء عمليات التلميع والمبالغة، أما الأمر الثانى فيتوقف على مدى نوع النفاق، هل هو وسيلة يستخدمها المتحولون للحصول على الرضا الشعبى، أم لعبة هدفها حقن صناع الثورات بالغرور الذى يصنع فرقة وضعفا فيما بعد؟ وأنا منحاز للمقطع الثانى أكثر، وعلى عكس حقن الغرور تلك، تعالَ نعترف بأن الثورة المصرية الأولى وموجتها الثانية تعانى من أنيميا حادة وضعف، لأنها ضربت ضربتها القوية وأطاحت بالرئيس الأول ثم الثانى ومن بعدها جلست الأولى تستريح، وجلست الثانية وحيدة بينما أهلها يتصارعون على الغنائم، وغفل الجميع عن مسيرة مصر المستقبل بشكل عام.
لم تدق الثورة على باب الإعلام فظلت الأكاذيب على حالها، ولم تطرق باب القضاء، فظلت حالة عدم الثقة موجودة، وظلت أسئلة من نوعية: هل المحاكمات تتم بتويجهات سياسية؟ أم تخضع لضغوط الرأى العام؟ مجرد أسئلة صعبة حائرة لا تجد إجابة، لن تنجح الثورة المصرية ولن تخلق وطنا أقوى إلا بعد أن تزور الثورة استديوهات الفضائيات والإذاعات، ومنصات القضاء وقاعات المحاكم، وهل يعقل أن تضرب ثورة تغيير فى ربوع الوطن، بينما بعض من قضاة مصر مازال مقتنعا ومؤمنا بأن أبناء المستشارين من «عجينة وطينة تانية» أرقى وأنظف من الطينة التى خلق الله منها بقية المصريين؟ هل يعقل أن تشتعل ثورة من أجل إرساء قيم العدل والمساواة وتكافؤ الفرص، بينما يخرج عدد محدود من قضاة مصر لتحدى كل تلك القيم بإعلان أن أبناء القضاة أولى من غيرهم بمنصة العدل؟ ووصف كل من أثار موضوع تعيين أبناء المستشارين بأنه حاقد، وهل يعقل أن يظن كل جالس فى استديوهات الفضائيات بأن حقا إلهيا يمكنه من أن يطبل وقتما يشاء ويشعل النار وقتما يريد، ويمنحه القدرة على تقييم كل شىء، والإفتاء فى كل شىء، وأنه صانع الثورة الرئيسى فى وطن لم تعترف نخبته حتى الآن بأن الملايين التى خرجت هى صاحبة الفضل الأول فى كل تغيير وكل ثورة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة