عندما نتحدث عن الإهمال وكونه أخطر من الإرهاب فهذا يعنى أن مواجهة الإهمال لا تقل أهمية عن مواجهة الإرهاب والتخريب، وفى موضوع الحمار الذى ظهر بالمطار يصر بعض المسؤولين على تبرير الإهمال، والحديث عن حادث مدبر للإساءة للسياحة، وهو أمر وارد، لكنا نتحدث عن كاميرات مراقبة، يمكنها أن تلتقط المؤامرة، وتعرف من أين أتى الحمار ومن وراءه. وربما على هؤلاء المسؤولين أن يراجعوا الإجراءات، ويحاسبوا المسؤولين عن الكاميرات، لو كانوا جادين فى مواجهة المؤامرات. والإهمال جريمة تتجاوز أى جريمة.
نفس الأمر فى حادث تصادم المترو بالرصيف فى العباسية، والظاهر من تصريحات المسؤولين أن القطار كان فى الورشة، وقرر شخص ما تجريبه وهو يعرف أنه بلا فرامل، والنتيجة المتوقعة أن يصطدم بالرصيف. وهو صدام كلف الدولة ما يتجاوز الأربعة ملايين وربما أكثر أو أقل، وكان يمكن أن تكون الكارثة أشد، ولو كان هناك قطارات على الرصيف لكانت الخسائر مضاعفة. ومع هذا لم يتم الإعلان عن المتسبب فى هذه الكارثة.
وعلى الذين يعتبرون النشر وكشف الإهمال ضد الدولة، أن يتعلموا أن مواجهة الإهمال والفساد هو أول مساندة للدولة فى مواجهة التخريب. أما التهاون مع المخطئين فهو أقصر طريق للفشل الذريع. وهناك حالة تسيب واضحة فى قطاعات مختلفة، وربما هناك من يتعمد التخريب، وأقصر طريق لمواجهة كل هذا، هو وضع قواعد صارمة للرقابة التى تبدو غائبة، وتزايدت خلال السنوات الأخيرة ضمن حالة تخلط بين الحق والفوضى، حيث يسارع بعض المخطئين لاختراع مؤامرة، يبررون بها الإهمال والفساد. أو يرفض البعض الخضوع للحساب بدعوى حق، وهو حق يراد به باطل. ولهذا فإن البعض فى المترو صنعوا زوبعة رفضا لحساب المتسبب، ونفس الأمر فى المطار، حيث قللوا من تسرب حمار، ولم يروا أن الأمر يمكن أن يكون كارثة.
وأفضل طريق لمواجهة كل هذا هو إعلان الحقيقة، وتحديد الخطأ، والمخطئ، ومحاسبته، حتى لا يظل الاتهام شائعا وعاما. مع العلم أن عدم محاسبة المهملين والمخطئين وغياب الشفافية، ومع تراكم الأخطاء الصغيرة تتكون المصائب الكبيرة، إلى تصل إلى درجة الكارثة. وأخطر ما يمكن أن يقع هو البحث عن شماعات لتعليق الأخطاء عليها.