أحبك حبين.. حب الهوى وحب لأنك أهل لذاك.. كلمات كتبتها العاشقة رابعة العدوية، وحدها تصف حالة العشق التى يعيشها "لبنى وصلاح"، قلبان اجتمعا ورفضا كل محاولات البعد، فظلا عاشقين رغم التفريق بينهما، قصتهما باختصار رجل وامرأة تقابلا منذ أكثر من 22 عاما تزوجا وعاشا فى بيت أم الزوجة "لبنى"، وبعد 21 سنة من الزواج والعشرة والتى كانت ثمرتها "وليد" ابنهما الوحيد أرغمهما أخوات لبنى على الطلاق حتى يجد شقة يعيش فيها مع زوجته، وحدث هذا منذ عامين ولأن اليد قصيرة ولأنه مصاب فى قدمه لم يستطع توفير ثمن حتى غرفة فقرر العمل "غفير" والعيش فى الشارع أمام العقار الذى يعمل فيه، ولأنها نصفه الآخر، ولأن ما بينهما من حب وعشرة وعشق تجاوز حتى ما نسمع عنه من الحب الأفلاطونى فقررت لبنى التى تجاوز عمرها السبعين عاما أن تعيش معه على الرصيف فى الشارع، فتأتى إليه يوميا مع ابنها وليد وتجلس معه طوال النهار ثم تذهب فى المساء وتعود إليه فى اليوم الثانى.
الطلاق كان إجباريا عليهما، وحبهما كان إجباريا على من فرق بينهما وعلى العالم كله، فأكلا وشربا وضحكا وأطمئن كل منهما بقلب الآخر على الرصيف، اكتفيا بقلبهما عن العالم، ولأن الحب الصادق وحده يخلق الرضا ويغنى عن الكل فكان الرضا والكبرياء والكرامة فى كل حرف يقولانه وفى نظرة كل منهما للعالم، بكل قوة تذكر يوم أجبرهم أخوة لبنى على الطلاق فيقول "كان يوم أحد فى شهر 5.. يوم 22"، لا يشعر بالأسى وهو يقول ذلك لأنها بجواره وفقا لكلامه "الطلاق ممنعهاش تيجى وتقعد معايا"، وعندما يتحدث عن عمله يقول "أنا أصلا سواق لكن علشان تعبان شوية شغال دلوقتى غفير ومش قادر أجيب شقة"، لو شاهدت الفيديو وعرفت حالته ستجد أنه لا يستطيع الحركة بسبب قدمه لكنه لم يتاجر بهذا ولم يطلب شقة وبمنتهى الكبرياء والرضا يتحدث عن حالته المرضية وعن قلة الفلوس دون أن يشوه جمال قصتهما بالطلب المشروع تماما فى هذه الحالة، فهو يمكنه وبكل قوة أن يطلب من الدولة شقة وهذا دور الدولة لكنه لم يفعل لأن الحب ارتقى بروحه فوق كل شىء، وهو المعنى الذى يؤكده مرة أخرى عندما يتحدث عن ابنهما وليد قائلا "لسه مخلص دبلوم بس بندور له على شغل علشان هو عنده مشاكل صحية كهربا زيادة وكدا"، ولم يطلب أيضا وظيفة لابنه أو من يتبرع لعلاجه، هو راضيا مطمئنا واثقا من رحمة الله عليه.
أما هى فلا تصفها كلمات، لو قلت إن كل معانى الحب والقوة والأنوثة والعطاء والرضا والرقة والدلع وغيرهم وغيرهم من جميل المعانى تجمعت فى إنسان فتكون قد تجمعت فى "لبنى" سيدة نحتت السنوات وجهها بالعجز وقهرتها الظروف وذاقت من الفقر والمرض الكثير، لكنها تضحك من القلب وتضع يدها على وجهها الذى أشع بالنور والاحمرار، فى علامة للكسوف "أنا بحبه موت خالص وبموت فيه"، تعلن عن حبها أمام الجميع وتقول بكل دلع "بموت فيه"، علشان عمره ما شتمنى ولا قالى "أمك أو أبوكى"، ولما بكون نفسى فى حاجه بيجبهالى وتتذكر "دانا وأنا حامل فى وليد قلت له نفسى فى رنجة ونزل جبهالى"، هى راضية للدرجة التى جعلتها تتذكر أنها منذ عشرات السنوات طلبت رنجة وهى حامل فأحضرها لها أبو وليد، هى لم تعترف بالتفريق الإجبارى وتذهب إليه يوميا برفقة ابنها وليد كما تقول "بقول لوليد عاوزه أروح لأبوك فبيجبنى لغاية هنا".
تنظر أنت لهما ولقصة حبهما ولظروفهما الصعبة فتبتسم.. وتتذكر كلمات رابعة العدوية "عرفتُ الهوى مُذ عرفتُ هواك.. وأغلقت قلبى على من عاداك".