بعد مفاوضات شاقة وعسيرة استمرت نحو 10 سنوات، توصل المتفاوضون من إيران والولايات المتحدة الأمريكية مع دول من الاتحاد الأوروبى وروسيا، إلى اتفاق مبدئى بشأن البرنامج النووى الإيرانى فى مقابل رفع أو تخفيف العقوبات الدولية، ومازال هناك سؤال حائر يتداوله كثير من المراقبين والمحللين، وهو: من الفائز من اتفاقية لوزان السويسرية؟ إيران أم الولايات المتحدة الأمريكية؟
اللافت أن الاتفاق الإطارى أو المبدئى احتفى به الجانبان الأمريكى والإيرانى، فالرئيس الأمريكى باراك أوباما وصفه بـ«التفاهم التاريخى مع إيران»، وأنه يمنع طهران من الحصول على سلاح نووى، وفى العاصمة الإيرانية خرجت المظاهرات المؤيدة للاتفاق احتفالا بالانتصار التاريخى أيضا وبالإرادة السياسية الإيرانية التى خرجت منتصرة من لوزان.
أوباما يعتبر الاتفاق انتصارا للسياسة الخارجية الأمريكية التى فشلت طوال سنوات حكمه فى إحراز أى تقدم فى ملفات الشرق الأوسط وتطورات الأوضاع بها سواء على مستوى عملية المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية أو الأوضاع فى سوريا والعراق وليبيا ثم اليمن، لذلك فالاتفاق مع إيران اعتبره أوباما الإنجاز الأكبر- وربما الأوحد- الذى أنجزته إدارته بعد سنوات الفشل وحقق من خلاله عدة أهداف- كما يرى أوباما- وأولها محاولة إحياء نظرية «الاحتواء السياسى» لإيران بديلا عن الصدام العسكرى، ومن ثم عودة ثقة دول مجلس التعاون الخليجى فى السياسة الخارجية الأمريكية.
على الجانب الإيرانى فإن طهران «البرجماتية» ترى فوائد سياسية واقتصادية عديدة فى الاتفاق، فمن ناحية البرنامج النووى فقد ربحت المباراة بالاستمرار فى إنتاج الطاقة النووية السلمية- حتى حين- وكسر جدار العقوبات عليها لدعم اقتصادها ودخولها من جديد، وبعد سنوات من العقوبات والعزلة إلى السوق الدولى كأحد أكبر منتجى البترول وإلى أسواق المنطقة كقوة اقتصادية كبرى، والأهم هو ما سيسفر عنه الالتزام بالاتفاق من عودة العلاقات القديمة و.. «المميزة» بين واشنطن وطهران وعودة السفارة الأمريكية التى راهنت أحد أصدقائى الإيرانيين على عودتها قبل عام 2016.
الجانب الآخر لمظاهر الفرحة الأمريكية والإيرانية معا، هو أن الاتفاق يعتبره الإصلاحيون بقيادة الرئيس حسن روحانى انتصارا للتيار الإصلاحى فى إيران ومؤسسة الرئيس الأسبق محمد خاتمى، وبالتالى تدعيم للموقف السياسى داخل الشارع الإيرانى لهذا التيار، وزيادة احتمالات فوزه بعدد أكبر من المقاعد فى الانتخابات البرلمانية فى فبراير المقبل، وهو ما يريده الأمريكان أيضا.