فى ندوة مهمة بالأمس عن ثقافة القرية بالمجلس الأعلى للثقافة قال الصديق الكاتب الصحفى حلمى النمنم، رئيس دار الكتب والوثائق القومية، إن التغيير الحقيقى فى مصر لن يأتى إلا بإقامة نظام تعليمى محترم مثل العالم كله، ومثلما كان موجودًا فى مصر، فى الأربعينيات، وحتى بداية السبعينيات. الكلام مهم، والأهم من يستمع ويخطط وينفذ وبعض القرارات الأخيرة بما فيها استحداث وزارة للتعليم الفنى تشير إلى أن هناك بدايات إرادة حقيقية من الدولة لتطوير التعليم، لكن القضية تحتاج إلى الإسراع فى تنفيذ خطة قومية عاجلة لإصلاح التعليم برمته وفى فترة زمنية قصيرة.
لا جديد إذا قلنا إن أية مشاريع للتنمية والنهوض الاقتصادى يتأثر بشكل كبير بمستويات التعليم، فالاقتصادات القوية فى العالم تتمتع بنظام تعليمى قوى يتماشى مع احتياجات سوق العمل وخطط التنمية للدولة. ويستأثر التعليم بالنصيب الأكبر فى موازنة الدولة، بالتالى علينا أن نتعلم وندرس تجارب الدول المتقدمة ليس فى إصلاح التعليم فقط، بل تطويعه لصالح خطط التنمية الاقتصادى للدولة. ألمانيا - على سبيل المثال وحتى لا نندهش، أنفقت فى العام 2013م حوالى 116.6 مليار يورو على التعليم، أى حوالى 933 مليار جنيه مصرى، يعنى ما يساوى تقريبا ميزانية مصر أو أقل قليلا، كما تخصص سنويا 80 مليار يورو على البحث والتطوير. وحسب الخطة المعلنة للحكومة الألمانية، فهناك توجه لتخصيص ما يعادل %3 من الناتج القومى على البحث والتطوير، و%10 على التعليم والبحث العلمى بحلول العام 2020م.
ما ننادى به فى مصر منذ سنوات طويلة، نفذته ألمانيا من سنوات طويلة أيضًا، وأعلنت تطبيق «النظام التعليمى المزدوج» الذى يجمع بين التدريب العملى فى الشركات والمصانع والتعليم النظرى فى المدارس، وهذا النظام من أنجح النُظم وأكثرها فعالية، ولهذا يلقى رواجاً وطلباً متزايداً من مختلف دول العالم الراغبة فى تحسين وتطوير أنظمتها للتعليم والتدريب المهنى، وتحديدا فى العالم العربى ومصر فى المقدمة منه بالطبع، خاصّة وأن نصف عدد السكان البالغ 360 مليون نسمة هم من الشباب دون الـ25 عاماً، المسألة بسيطة لإصلاح التعليم إذا توافرت الإرادة السياسية والإدارة السليمة، والاقتداء بالنموذج الألمانى.