حتى نقترب مما يحدث للمنطقة العربية وفى البلدان العربية، علينا أن نتذكر أولا أن الاهتمام المفرط للولايات المتحدة وتدخلها المباشر فى الشرق الأوسط له سببان، الأول وضع يدها على حقول النفط وتوفير إمداداته بانتظام للمصانع الأمريكية، والسبب الثانى هو ضمان أمن إسرائيل، وعلينا أن نحيط ثانيا بتفاصيل ما يسمى ببدايات عصر الطفرة الأمريكية فى إنتاج النفط والغاز ومشتقاتهما لتتحول الولايات المتحدة الأمريكية من أكبر مستهلك ومستورد للبترول إلى ثانى أكبر مستهلك بعد الصين وأكبر منتج له فى العالم، ومدى انعكاس هذا الزلزال على المنطقة العربية.
فى عام 2005 كانت الولايات المتحدة تستهلك حوالى 19 مليون برميل بترول يوميا، وكان إنتاجها لا يتجاوز 6.5 مليون برميل، وتستورد 12.5 مليون برميل، نصيب الدول العربية وأفريقيا منها 5 ملايين برميل، وكندا والمكسيك 3.5 مليون برميل، ومن دول أمريكا اللاتينية 2.5 مليون برميل، ومن روسيا وأوروبا حوالى 1.5مليون برميل يوميا، أما فى عام 2015، فقد ظل استهلاك الولايات المتحدة من النفط ثابتا حول الرقم 19 مليون برميل يوميا، لكن إنتاجها شهد طفرة هائلة بفضل توجيه استثمارات ضخمة فى تكنولوجيا استخراج البترول الصخرى والبترول غير التقليدى وتقنيات الحفر والاستخراج من المياه العميقة.
استطاعت الولايات المتحدة بفضل التكنولوجيا الجديدة أن ترتفع بإنتاجها من النفط التقليدى وغير التقليدى لتصل إلى حوالى 14 مليون برميل يوميا لتصبح أكبر منتج للنفط فى العالم، وبفضل اعتمادها على مصادر بديلة للطاقة مثل الغاز والوقود الحيوى والطاقة البديلة حجمت استيرادها من النفط ليتراوح حول أربعة ملايين برميل يوميا فقط لأول مرة فى تاريخها 60% منها من مناطق نفوذها الأقرب، أى من كندا والمكسيك، فهل يمكن القول بعد ذلك إن الولايات المتحدة فى حاجة للمنطقة العربية؟ وهل يمكن القول إن الولايات المتحدة مضطرة إلى تحمل أى تكاليف لبقاء قوات كبيرة فى المنطقة لحماية مصالحها المتراجعة أصلا؟
الإجابة تعيدنا مباشرة إلى السؤال الأول الذى بدأنا به، ماذا يحدث للمنطقة العربية وفيها بعد أن تقرر الولايات المتحدة إدارة الظهر لها؟.. وللحديث بقية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة