كانت الخطة الأمريكية الخاصة بفك الارتباط بالمنطقة العربية ماضية فى طريقها وبسرعة كبيرة، ثورات فى كل مكان وكأنها النار فى بناء متهالك من الخشب، وإضعاف للدول المتماسكة وتفتيتها إلى عناصرها المكونة وصناعة الحروب والنزاعات بين تلك العناصر، وتدمير مصادر الطاقة أو استنزافها فى التجارة السوداء خارج الأسواق العالمية، كما حدث ويحدث فى البترول الليبى والعراقى والسورى، حتى جاءت لحظة 30 يونيو فى مصر. لحظة 30 يونيو فى مصر، كانت فاصلة يمكن الحديث عما قبلها وعما بعدها، فهى لم تكن مجرد ثورة شعبية ضد استبداد الإخوان المذهولين بسطوة الحكم، ولم تكن مجرد وقفة مضيئة من وقفات الجيش المصرى الوطنى فى مجابهة الأعداء، وإنما كانت كسرا فى مسار مشروع استعمارى كبير وراءه قوى كبرى على رأسها الولايات المتحدة، ومنفذون كبار فى مقدمتهم فرنسا وتركيا.
لم يكن يبدو لدى مخططى أو منفذى هذا المشروع الاستعمارى الذى يسعى لهدم وإعادة تقسيم واستنزاف المنطقة العربية، أن أحدا أو شعبا أو أى إرادة كانت يمكن أن يعطل مسار المشروع، فالفوضى تعم بلدا بعد بلد جنوب المتوسط، والحروب الأهلية والمذهبية تطحن الشعوب المستهدفة والدمار الذى يعنى عقودا كبيرا للشركات الفرنسية والتركية يتحقق بانتظام، حتى السعودية بتاريخها الطويل فى التحالف مع الولايات المتحدة لم تكن تطمع إلا أن يطالها المخطط الأمريكى فى نهاية المطاف، وهو ما كان يدركه الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز وتجلى فى كافة مواقفه بعد 30 يونيو، فقد رأى فيها معجزة الإنقاذ من المصير المظلم ودعمها بروح المقاوم الذى يدافع عن بلاده وأمته.
الغضب الأمريكى الأوروبى كان هائلا بعد ثورة 30 يونيو والكراهية للسيسى كانت ومازالت كبيرة، فمن هو ومن يكون حتى يعطل المشروع الكبير، ولما يطمح وإلى أى نقطة يظن أنه سيصل، وابتدأ العمل على احتوائه وتحطيمه ومعه البلد الأمين مصر ليكون عبرة لكل من تسول له نفسه أن يقف فى وجه الكبار، لكن السيسى كان مستعدا ويعرف جيدا أنه ليست قضية مصر وحدها، ولكنها كانت قضية المنطقة العربية كلها.
وللحديث بقية