شغل حمار المطار الصحف والمواقع الإلكترونية والمحطات الفضائية.. سمعنا كلاما كثيرا بعضه دخل فى منطقة الهبل مثل أن يكون هذا الحمار بداية لحمير مفخخة، وأن ذهابه للمطار ليس صدفة لكنه عمل إرهابى، سأحدثكم عن الحمير قليلا ربما نعرف كيف نتعامل معها فيما بعد.
الحمار من جنس الحصان. حيوان أليف رغم أنه ظهر فى البداية ولايزال الكثير منه فى الصحارى والوديان بأفريقيا وآسيا، ساكن الصحراء يسمى بالحمار الوحشى حتى إذا دخل المدينة صار حمارا فقط، وتكتشف أن كلمة وحشى هنا ليست من وحشيته، لكن من وحشته، فهو يعيش فى مكان موحش، والأتان هو أنثى الحمار وقديمًا قيل «كان حمارا فاستأتن»، أى كان يعيش فى العز والجاه فجار عليه الزمن وصار ضعيفا، لقد دخل المسيح، عليه السلام، أورشليم على ظهر أتان، أى على ظهر أضعف الكائنات زيادة فى معنى السلام الذى جاء به إلى الدنيا، إذا تزوج الحصان بالحمار جاء البغل، كلمة بغل صفة سيئة أحيانا ليس للإنسان فقط، ولكن لأبيه وأمه ضمنيا فانتبهوا رغم أن البغل لا يعرف ذلك! أحسن الحمير فى عالمنا العربى هو الحمار «الحصاوى» وأصله إقليم الإحساء بجزيرة العرب، فهو قوى التحمل تعود على صعوبة البيئة، حمل وجه الحمار قديما بعض الآلهة مثل الإله المصرى ست إله الصحراء، كتبت عن الحمار روايات مثل «الحمار الذهبى» للوكيوس أبوليوس و«الحمار وأنا» للإسبانى خوان راموس و«حمار الحكيم» لتوفيق الحكيم، وكلها تجسد ظلم البشر فى كل زمان ومكان. فى مصر أنشئت جمعية شهيرة اسمها «جمعية الحمير» عام 1932 رأسها الفنان العظيم زكى طليمات، وكان من أعضائها العقاد وطه حسين وسيف وانلى وتوفيق الحكيم وفنانون كثيرون وأطباء وعلماء، وبلغ عدد أعضائها أكثر من ثلاثين ألفا، وتم حلها عام 1963 باعتبارها جمعية ماسونية وهى لم تكن كذلك، كانت ديمقطراطية تعرف أن الحمار هو رمز الحزب الديمقراطى الأمريكى، شاركت الحمير فى الحياة كما نعرف بالنقل لكنها أيضا شاركت فى الحروب حتى إنها فى الحرب العالمية الأولى كانت تنقل العتاد بين الجيال فى أوروبا، ذكاء الحمار فائق فهو الحيوان الوحيد الذى لا ينسى طريقا مشى فيه ولو لمرة واحدة، وبذلك تفوق على الإنسان حامل الخرائط، صارت كلمة حمار تمثل الغباء رغم أن الأصل فيها هو اللون الذى كانت عليه الحمير الأولى الأقرب إلى الحمرة، ورغم أنه يمثل الرضا والقدرة على التحمل.
فى أفريقيا أسطورة قديمة عن الحمير التى ضجت من ظلم الإنسان لها فاجتمعوا بالليل وقرروا أن يرسلوا واحدا منهم إلى الله فى السماء يشكون فيه ابنه الإنسان الظالم، من يومها لم يعد الحمار، ولذلك- ولاحظ ذلك من فضلك- إذا تقابل حماران فى الطريق اقتربا برأسيهما من بعضهما لحظة يسأل كلاهما الآخر «هو لسه ما رجعش؟» ويمضيان فى صمت فالإجابة لا، حتى الآن رغم آلاف السنين عند الحمير الأمل أن يعود من أرسلوه بالإجابة التى تخلصهم من ظلم البشر، وهكذا فحمار المطار أدرك أن الإنسان تطور وصنع الطائرات التى تصعد إلى السماء فذهب إلى المطار لعل من أرسلوه عاد فى طائرة، صبر عظيم وأمل لا ينتهى عند الحمير فهل تيأسون؟!