كان الله فى عون رجال الشرطة، فهم بشر مثلنا، ولهم أولاد يذهبون إلى المدارس، وجيران فى نفس العمارة، ويتأثرون بالهجوم عليهم رغم تضحياتهم، ويشعرون فى قرارة أنفسهم أنه ليس لهم ظهر يحميهم، حتى إذا كانوا فى حالة دفاع شرعى عن النفس، مثل الضباط الذين دافعوا بصدورهم عن الأقسام والسجون فى 25 يناير، فسيقوا إلى المحاكم باتهامات قتل الثوار، وبعد حصولهم على البراءة من القضاء، استمرت الحرب الشرسة ضدهم بهدف ضرب روحهم المعنوية، ونجحت مؤامرة الإخوان بعد 25 يناير فى
إضعاف جهاز الأمن بتسريح ومحاكمة أفضل عناصره، وابتزازهم معنوياً بالتخويف من فزاعة قتل الشهداء، فأصبحوا يفكرون ألف مرة قبل أن يستخدموا أسلحتهم ضد السيارات المفخخة، ويعملون ألف حساب للبهدلة فى المحاكم والتجريس والتشويه. قبل أن يسددوا ضربات قاتلة للإرهابيين، وبات ضرورياً أن يعود الأمن للأمن، وأن يوفر المجتمع مظلة سياسية وقانونية تعيد الثقة لرجال الشرطة، وتمكنهم من التعامل الحازم مع الموجة الجديدة للإرهاب، مع وضع الضوابط والضمانات التى تكبح جماح الشرطة، إذا انحرفت أو تجاوزت أو عادت لممارسات الماضى.
لا يمكن اختلاق مبررات للهجوم على الشرطة مثل التى نسمعها الآن، بالزعم من أنها عادت لممارسة التعذيب الممنهج، أو تضخيم أخطاء فردية لبعض الضباط وكأنها سلوك عام لممارسات يومية، فمن يخطئ يجب أن يتحمل وحده أقصى عقاب وفقا للقانون، ولكن ما أحوجنا فى نفس الوقت إلى عودة الروح الوطنية الأصيلة، وتجريد الإرهاب والإرهابيين من عباءة الإسلام التى يختفون وراءها، وعلينا ألا نفقد الصبر ونعترف بأن الظروف الآن أشد صعوبة وقسوة من الثمانينيات والتسعينيات، ولكن السبيل الوحيد هو استدعاء روح 30 يونيو، وتجسيد الإجماع الوطنى لمحاربة الإرهاب والإرهابيين، وتمزيق الغطاء السياسى الذى يقدمه الإخوان وحلفاؤهم من الطابور لأعمال العنف والتخريب، فالشعب فوض الدولة وأجهزة الأمن لمقاومة الإرهاب، واتخاذ الخطوات الكفيلة بعودة مصر إلى مصر، بشعبها وحضارتها وتاريخها، وقطع الطريق على الوحوش البشرية الذين يحاولون جذبها إلى أسوأ عصور الظلام والرجعية، وليس ذنب هذا الشعب الصبور أن المواجهة تتسم بالصبر وطول البال، ولا تتناسب مع حجم المخاطر والأهوال والتحديات التى تواجه البلاد.. تحركوا بسرعة أكبر من الإرهاب والإرهابيين، ووجهوا إليهم الضربات القاصمة قبل أن تتحرك عرباتهم المفخخة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة