مع إن اسمها مواقع التواصل، فهى ليست اجتماعية تماما، ولا للتواصل فقط، ويمكن أن تكون سلاحا ذا حدين وثلاثة وأربعة، تجرح وتقتل، والعيب ليس فى الأدوات لكن فيمن يستعملونها. وبقدر ما تتيح «فيس بوك وتويتر ويوتيوب» فرصا للتواصل والاحتفاء والتباهى، قد تتحول إلى أدوات تشهير وشائعات وخراب بيوت.
وربما لم تكن «سيدة المطار» تتخيل أن صفحتها على فيس بوك يمكن أن تصبح أحد أسباب تنغيص حياتها. فقد نشرت صورا، لها ولأصدقائها وصديقتها ضمن حريتها الشخصية على مواقع التواصل، وأصبحت متهمة وتحولت صورها لأداة تشهير. ومهما كان الموقف من «السيدة» وخطأها والدعوة لتطبيق القانون، لا يمكن إقرار حق البعض فى نهش خصوصيتها، وتوظيف صور خاصة، وتحويلها إلى عقاب إضافى لها ولأسرتها.
ولم تكن سيدة المطار وحدها التى واجهت هذا الموقف، لكن هناك فتيات نشرن صورهن فى مناسبات خاصة، وفوجئن بها تنتقل لمواقع سيئة، ويتم التلاعب بها والتشهير بالفتيات والسيدات. أو فتاة ينشر خطيبها السابق صورا أو فيديوهات خاصة على يوتيوب أو فيس بوك أو أى مواقع.
نفس الأمر عندما أسس بعض الضباط صفحات شخصية على فيس بوك بأسمائهم، ونشروا صورا لهم فى أماكن عملهم الأمر الذى جعل بعضهم هدفا للرصد، أو قدموا معلومات من دون قصد لخصوم ومتربصين وتعرضوا وعرضوا زملاءهم للخطر. وهذه المشكلة تكررت فى الولايات المتحدة، وفرضت السلطات قواعد على نشر البيانات واستخدام مواقع التواصل من العسكريين.
ومواقع التواصل أحيانا تتحول إلى منصات شتائم، يقيمها جبناء يختفون خلف أسماء مزيفة، أو يستحلون السب والقذف بلا رادع، لكن كل هذا يعنى أن البشر على مواقع التواصل، هم نفس البشر فى الواقع، فيهم الطيب والشرير والمجرم والمؤدب والشرشوح والعاقل والأهبل والأحمق.وهناك دائما خيط رفيع، بين الانتقاد والتشهير، وبين الخبر والشائعة، وبين الخاص والعام، لكن غالبا ما ينقطع الخيط على أيدى من لا يقدرون، والعيب هنا ليس فى الأدوات ومواقع التواصل التى تتيح حجما من المعارف والتواصل والعلاقات، ويمكننا أن نجد صداقات بين واحد فى القطب الجنوبى أو الشمالى مع شخص على خط الاستواء، وأيضا نكتشف أن الواحد ربما فى حاجة للفصل بين خصوصياته وصوره وتحركاته، وبين ما يجب أن يكون متاحا للجميع. وهو أمر ليس من عيوب مواقع التواصل، لكنه من طريقة البعض فى رفض الاعتراف بالخصوصية أو الحرية الشخصية. هو خيط رفيع مقطوع غالبا، يجعل من الصعب للواحد أن يكون حرا تماما على شبكات التواصل.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة