لماذا لا يجد المسؤولون فى الصحف، كل الصحف، أسهل من الاستغناء عن الصفحات الثقافية إذا جاءهم إعلان، أو حدث حادث استدعى السطو على صفحات أخرى؟، ولماذا لا توجد فى الصحف الخاصة مساحة ثابتة لمتابعة الأحداث الثقافية الغزيرة اليومية؟، ومن يملك سلطة اعتبار ملتقى مثل الذى استضافه أتيليه الإسكندرية قبل يومين، الذى ناقش مستقبل الثقافية، شيئا مهما يبنبغى أن نحيط به القارئ العام علما؟، أسئلة نبحث عن إجابات لها منذ بداية عملنا فى هذا الكار دون جدوى، فقط لأن الثقافة عبء على جميع الذين يديرون الفضاء العام، إذا راج فن ولمعت فيه أسماء تتجه الأنظار إليه، تكثر الجوائز والحوارات، لأن رؤساء التحرير ومديرى القنوات مثل رؤساء الجمهورية مثل الوزراء مثل جالبى الإعلانات لا يعترفون إلا بالنجوم، بصرف النظر عن قيمتهم الفنية الحقيقية، الرأسمالية العالمية تسعى لتحويل الثقافة إلى سلعة يمكن الاستثمار فيها، هى نجحت فى السنوات الأخيرة مع فن الرواية الذى ازدهر لأن هذه الرأسمالية عزلت الناس عن الحكايات، جعلتهم يلبسون ثيابا متشابهة ويركبون سيارات ويسكنون بيوتا متشابهة فى كل بقعة على الأرض، جعلت الجميع تروسا فى ماكينة عملاقة، والمواطن المستهلك يتحرك وفق إرادتها، الرواية جعلته يذهب إلى عوالم أخرى فى شيلى والصين ونيجيريا، يتعرف على أصدقاء لن تسمح له الظروف أن يتعرف إليهم عن قرب، السلطة تحتفى بالمعروفين المجربين الذين يخوضون معاركها فى الحق والباطل، السينما تصور المثقف على أنه معقد وغير طبيعى ويسخر البهلوانات منه، يتحدث عنه الجهلاء على أنه سبب الكوارث كلها، لا يفرق هؤلاء بين مثقفى السلطة وبين المثقفين العاديين الذين ينتجون فى ظروف حياتية صعبة ولا ينتظرون حافزا أعلى من رفعة وطنهم، أعلى من الحلم بالحرية والعدالة، المثقفون المصريون هم ضمير هذا البلد، هم الذين يتصدون للإرهاب والتشدد والتطبيع وتغول التجار على أحلام الناس البسيطة، يفعلون هذ بدون أوامر من أحد.. ويعاقبون طوال الوقت على إخلاصهم.