نعم، نعيش زمنا استثنائيا، من عمر هذا الوطن الذى يتجاوز أكثر من 5 آلاف عاما، من فوضى أمنية، وأخلاقية، وتجارة كلام، وحياكة المؤامرت ليل نهار، وإهمال جسيم، وفساد فى الذمم، وتلون وتوظيف المواقف لتحقيق مصالح ومغانم خاصة، دون الوضع فى الاعتبار المصلحة العليا للبلاد.
فى هذا الزمن، ظهر «أبو رغال»، وهو لمن لا يعرفه شخصية عربية توصف بأنها رمز الخيانة، ولقب يطلق على كل خائن عربى.
تعود قصة أبورغال، إلى ما قبل ظهور الإسلام، وتحديدا زمن أبرهة الحبشى الذى خطط لهدم الكعبة، وكان العائق الوحيد أمامه لتنفيذ مخططه، هو جهله بالطريق المؤدى للكعبة، ويحتاج إلى دليل، والعرب رفضوا أن يدلوا أبرهة، رغم محاولة إغرائهم بالمال.
وبعد عناء بحث طويل، وجد أبرهة الحبشى ضالته فى دليل عربى من اليمن يدعى «أبورغال» الذى وافق أن يدل الجيش الحبشى إلى مكان الكعبة.
وتقدم أبرهة خلف دليله نحو بيت الله، ولم يكن يمتلك أهل مكة من القوة لمواجهة الجيش الحبشى، إلى آخر القصة المعروفة، بأن الله سبحانه وتعالى قد حمى بيته، وأهلك جيش أبرهة ومعهم «أبورغال»، ومنذ ذاك التاريخ، يطلق العرب على كل خائن لقب «أبورغال».
وحاليا يوجد بيننا عشرات من «أبورغال» الخائن، من جماعة الإخوان وتنظيمات، وحركات، وإعلام منقلب، ومن يتخذون من شعارات النشطاء قناعا يقدمون كل الدعم للأعداء لتنفيذ مخططاتهم الهدامة.
نفس الأمر ينطبق على «خنفس باشا» وهو اللقب الذى أطلق على الضابط المصرى «على يوسف»، وهو أحد الضباط الذين خذلوا أحمد عرابى فى معركة التل الكبير، وتسببوا فى هزيمة فادحة للجيش المصرى، واحتلال الإنجليز لمصر.
واقعة الخيانة بدأت يوم 12 سبتمبر 1882، وهو اليوم السابق لمعركة التل الكبير، عندما أرسل على يوسف رسالة إلى الزعيم أحمد عرابى يبلغه بأن الإنجليز لن يتحركوا فى ذلك اليوم، فأعطى عرابى أوامره للجيش بالخلود فى الراحة، استعدادا للمعركة فى اليوم التالى، فى الوقت الذى تحرك فيه القائد الإنجليزى ووصل بعد منتصف الليل، وأخلى على يوسف «خنفس باشا» الطريق لمرور الإنجليز، ووضع لهم الفوانيس على المسالك التى يمكن السير فيها بيسر، وفى فجر 13 سبتمبر وقعت الهزيمة القاسية للجيش المصرى فى التل الكبير نتيجة الخيانة.
وفى يوم 15 سبتمبر وصل الإنجليز منطقة العباسية، ومنها ساروا إلى القلعة التى كانت تضم 4 آلاف جندى، وهناك سلم خنفس باشا مفاتيحها للإنجليز.
الخلاصة أن المئات من «أبورغال وحنفس باشا» الخونة، يسكنون ويعششون فى المطار، والكهرباء، وماسبيرو، ومعظم المؤسسات.