طريقتان لمناقشة تصريحات وزير العدل عن أن ابن عامل النظافه ليس له مكان فى القصاء، الأول اعتبارها زلة لسان، وهو احتمال ضعيف، لأن التصريحات مسلجة تليفزيونيا، فضلا عن أن المذيع كرر السؤال أكثر من مرة ولم يحصل إلا على نفس الإجابة، أما الطريق الثانى فهو تحليل العقيدة الثابتة لدى أغلب رجال القضاء المصرى وعلى رأسهم وزير «العدل» تجاه أبناء الطبقات الدنيا من المجتمع، وللأسف هى عقيدة تصطدم مع مفهوم العدالة الاجتماعية الذى أقسم عليه وزير العدل نفسه وقت تولى مسؤولية الوزارة بالمواد 9،4، و14 من الدستور التى يرد بها هذا النص تحديدا «الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة، ودون محاباة أو وساطة، وتكليف للقائمين بها لخدمة الشعب».
وهنا وزير العدالة لم يجعلها حقا للمواطنين، كما نص عليها الدستور، وإنما جعلها للمواطنين بشرطة، المواطنين ممن لم تتلوث أياديهم فى صناديق الزبالة، المواطنين ممن لم تتشقق أيديهم من مسك الفأس فى الفلاحين، المواطنين ممن لم يسرحوا فى البحر بالشباك سعيا وراء الرزق، المواطنين ممن فقدوا نظرهم من لحام المعادن بالورش، المواطنين ممن لا تفارق رائحتهم رائحة الشحم من كثرة ما ينامون تحت السيارات لتصليحها، المواطنين الكادحين الساعين وراء أكل العيش أبناء الطبقات الدنيا من المجتمع، المواطنين الذين قضوا أغلب عمرهم فى شقة 40 مترا، المواطنين الذين أنتمى إليهم أنا وأنت.
تصريح وزير العدل يزيدنا ارتباكا فوق ما يلتبسنا من ارتباك، يتحدث رئيس الجمهورية يوميا عن العدالة الاجتماعية، يكررها فى خطاباته بقدر ما يكرر كلمة مصر، بينما وزير عدله يقضى عليها فى مقتل وينسفها من على الوجود بكل أريحية وهدوء أعصاب... التفكير يقتلنى.. هل نحن بحاجة إلى تغيير مفهوم العدالة الاجتماعية والمساواة.. أم أننا بحاجة إلى تغيير الوزير نفسه.. أم أن الأزمه ليست فى الوزير.. وتعالوا نكاشف أنفسنا بكل صراحة.. الأزمة فى قطاع كبير يؤمن بذلك.
أنا أخاف وأغار على دائرة القضاء المصرى أكثر ألف مرة من غيرتى على الجماعة الصحفية التى أنتمى إليها، ولكن الشواهد تؤكد أن الأخطار تقترب من القضاء، وصمتنا بدعوى الحفاظ عليه قد يكون بابا جديدا للخطر، لا حائطا للسد.. وصول الحال بوزير العدل لتصريح كهذا أكبر خطر على القضاء نفسه المنزه فى كل أعماله ودرجاته عن أى شئ غير العدالة، حتى المتهمون لا يعتنى القاضى بأسمائهم ولا أوصافهم، يتعامل معهم وفق أرقام 1،2،3 لكى يكون الحكم مجردا، ناهيك عن عامل النظافة الذى لا يحق لابنه أن يكون قاضيا، وفقا لما قال وزير العدل، هو شقيق السيد مبارك الحاجب بمحكمة طنطا الذى أنجب فيما بعد حسنى مبارك رئيس مصر 30 عاما، وهو نفسه ابن عم المزارع يوسف نجيب والد أول رئيس جمهورية لمصر بعد ثورة يوليو محمد نجيب، وهو نفسه زوج أخت محمد السادات الكاتب بالمستشفى العسكرى الذى جاء من نسله خير رئيس لمصر، رئيس الحرب والسلام، أنور السادات.
عامل النظافة هو الوجه الآخر لموظف البريد عبدالناصر حسين الذى أنجب لنا عبدالناصر بكل كاريزميته وحنكته السياسية، عامل النظافه بالأساس هو أنا وأنت، هو قصة كفاح لم تر النور بعد، هو رقم فى تسلسل أجيال عائلتى أو عائلتك مع اختلاف التوصيف، والحجر على ابنه بعدم دخول سلك القضاء هو بمثابه الحجر على كل مصر أن تتحرر من ماض سيئ ومصطلحات أكثر سوءا مازالت تسيطر على رجال دولة من الصف الأول هم بالأساس عنوان لـ«العدل».
العدل الذى لا ينظمه القانون ولا الدستور فقط، إنما تنظمه أيضا المعاملات والنفوس البريئة التى تعلى من جوهر ومضمون ميزان العدالة، لا فقط من شكلها الخارجى.
أنا ابن عامل نظافة وأفتخر.. أنا ابن بواب وأفتخر
أنا ابن فلاح وأفتخر.. أنا ابن سباك وأفتخر
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ebn masr
يستحق
يستحق ان اضعه فى المفضله
عدد الردود 0
بواسطة:
افاقين بتوع كلام
طيب ورينا كدة واحد جوز بنتة لابن زبال و خليك المثل اللى يحتذى بة الناس جتكم القرف