أختتم هذه السلسة من المقالات عن الفنان الراحل محمد رشدى، وهى مقتطفات من مذكرات كاملة سجلتها معه قبل رحيله بسنوات «توفى 2 مايو 2005».
تحدث «رشدى» عن دور الفن فى مساندة معارك مصر الوطنية فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى، مؤكدا أن ذلك لم يكن بتوجيه من أحد: «فعلنا ذلك بإيمان عميق منا، كنا بنتسابق، كنا مؤمنين بالمرحلة وبجمال عبدالناصر، كل أغنية وطنية قدمها عبدالحليم وهو كان الملك فيها، وكل أغنية أنا قدمتها وغيرى قدمها، كانت بمبادرتنا، مفيش توجيه، شعورنا الوطنى كان طبيعى فى كل أغنية».
يتذكر: «بعد نكسة 5 يونيو 1967، وفى لقاء مع محمد فائق وزير الإعلام قال لنا: «المسألة فى إيديكم»، فذهبنا إلى الجبهة، نشارك جنودنا بحفلات ترفيهية، وفى حرب أكتوبر 1973 كنا كلنا مقيمين فى مبنى الإذاعة والتليفزيون».
يضيف رشدى: «ذهبت إلى اليمن بعد ثورتها عام 1962 وإرسال مصر قوات لمساندتها، كان معى عبدالعزيز محمود، ومحمد عبدالمطلب، وماهر العطار، وإسماعيل ياسين، وغنيت هناك: صعدا ياصعدا للعلا ياصنعا/ ياصنعا المستحيل/ يا ألف مرحبا/ يا هلا بكم فى بستان الجديد»، يتحدث رشدى عن طبيعة الحياة التى وجدها فى اليمن: «نزلت إلى صنعاء فلم أجد فيها مطارا، وجدت كشكا خشبيا، كل حاجة هناك كانت بدائية، بلد خارج التاريخ، الاستراحة اللى كنا ننام فيها كنا بنعلق ملابسنا على مسمار موجود فى الحيطة، وكنا بنام على حصيرة، وبنسمع حكايات غريبة، لكن كان الشعب طيبا ومبهورا بحاجة اسمها مصر والفنانين المصريين، غنيت فى تعز والحديدية وصنعاء، كانت الاحتفالات مجانية، لا نتقاضى عنها أى أجر، ورغم كده كنا نتسابق على المشاركة، أنا فى هذه المرحلة لم أكون مالا، ولم أبحث عن ماديات، كانت كل قضيتى الهدف، أغنى إيه، وإيه الجديد».
يتذكر رشدى: «ذهبت إلى ليبيا بعد الثورة، غنيت فى طبرق وبنغازى وطرابلس، وذهبت إلى لبنان، وحملونى على الأعناق، وفى الكويت كانت حفلاتى لصالح العمل الفدائى الفلسطينى، وتم عمل مزاد على مسدس لفدائى فلسطينى».
كانت مرحلة السبعينيات سنوات عجافا على رشدى: «الدنيا لم تعد كما كانت، اتغضب على، لم يعد التليفزيون يذيع أغنياتى، اتهمونى بالإسقاطات، لو جت كلمة «قلة» فى أغنية، يسألوا: تقصد إيه؟، ولو كان فيه كلمة عن الأرض والعرقانين، يبقى فيه قصد لحاجة، سألونى تقصد إيه من: «أبويا وصانى أزرع هنا ضلة/ وقدم للغريب قلة»، مرحلة كانت سيئة».