يتذكر سمو الشيخ سلطان القاسمى، حاكم الشارقة، أيام العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، قائلا فى مذكراته «سرد الذات»: «فى التاسع والعشرين من أكتوبر 1956 اعتدت بريطانيا وفرنسا وربيبتهما إسرائيل على مصر، وضربت محطة الإرسال التابعة لإذاعة صوت العرب فى المقطم، وتوقف إرسال صوت العرب، ووصل إلينا صوت العرب، بعدها من دمشق، الناس هائجة، وهى لا حول لها ولا قوة، اللعنات تنهال على المعتدين، والهتافات بالنصر لمصر من الحناجر، وأنا مشغول البال، كل ما يدور فى ذهنى هو: كيف أستطيع أن أجعل المعتدى يخسر ولو بمقدار إبرة؟».
تلك كانت المشاعر التى كان عليها «سلطان القاسمى» وكان طالبا صغيرا، وهو يعبر عن مشاعره القومية الأصيلة، فالعدوان على مصر هو عنده عدوانا على بلاده التى كانت هى أخرى تحت السيطرة البريطانية، وانتصار مصر فى معركته ضد العدوان الثلاثى كان سيعنى الكثير لكل البلدان العربية التى تناضل من أجل استقلالها، ومن هنا فإن سلطان القاسمى لم يطرح السؤال على نفسه فقط، وإنما سعى إلى ترجمة عملية لها على الأرض.
يوضح فى مذكراته كيف إنه منذ بدء شهر نوفمبر 1956، ظل يتابع القاعدة العسكرية البريطانية فى الشارقة، وكيف قطع أربعة كيلو متر من بيته حتى يصل إلى موقع مخزن الذخيرة، ليتأكد إن كانت هناك حراسة ليلية حول مخزن الذخيرة أم لا، وكذلك استكشافه لمدى قوة الحراسة حول الطائرات الحربية.
كان ذلك بمثابة استكشاف لينفذ عملية ضد أهداف بريطانية كنوع من التضامن مع مصر وشعبها فى معركته ضد المعتدين، والتى هى معركة العروبة وكل الشعوب المستضعفة، ونفذ القاسمى محاولتين بإشعال النار بالبنزين مع اثنين من زملائه وهما محمد بن سلطان بن عبد الله، وعبد الرحمن المناعى، إحداهما كانت فى سيارة القائد الإنجليزى للقاعدة العسكرية، وبالرغم من أن الأهداف المادية للعمليتين لم تكن كبيرة، فإنهما كانا حديث كل «الشارقة»، كما أن المعانى الناتجة من حدوثهما هائلة.
هذا فصل مبكر يرويه سلطان القاسمى فى مذكراته يوضح أن محبة هذا القائد العظيم لمصر بنيت على العطاء لمصر، والوقوف إلى جانبها فى كل المواقف الصعبة، وكل التبرعات التى يقدمها لشعب مصر هى امتداد لما قام به منذ سنوات طويلة، فتحية لهذا القائد العربى الأصيل والعظيم.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة