صرخت الزوجة بأعلى صوتها: «أنا مش قلت لك، أنا مش قلت لك يا أحمد بك، أنا مش قلت لك»، كانت الصرخة من زوجة المستشار أحمد الخازندار الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة، لسماعها طلقات رصاص على بعد 50 مترا من بيتهما فى حلوان، فخرجت حافية القدمين وقلبها يخفق، لتشاهد شخصا مضرجا فى دمائه، وكانت المفاجأة أنه زوجها، فأخذته فى أحضانها وصوتها يشق السماء: «أنا مش قلت لك، أنا مش قلت لك يا أحمد بك».
تدافعت دماء الزوج على صدر الزوجة الذى ودعها قبل دقائق، وطبع قبلتين على طفليه، وتناثرت من حقيبته أوراق قضايا كان متوجها بها إلى المحكمة فى «باب الخلق» يوم «22 مارس 1948»، وأطلقت الزوجة صرخاتها، لأنها عاشت أياما مع زوجها من التهديدات التى تلقاها لإجباره على التخلى عن نظر قضية محاكمة عناصر من الإخوان، ضبطوا فى الإسكندرية أمام نادى الجيش الإنجليزى ومعهم قنابل لم تنفجر، وتخلت دائرة أخرى عن نظرها بسبب التهديدات، فأحيلت إلى دائرة «الخازندار» الذى صمم على مواصلتها، وحكم على المتهمين بالأشغال الشاقة، فكان الحكم عليه من «التنظيم الخاص» للجماعة بالقتل، ونفذ الجريمة شابان بتخطيط من قائد التنظيم «عبدالرحمن السندى».
القصة يرويها مرتضى المراغى مدير الأمن العام وقتها وآخر وزير داخلية قبل ثورة 23 يوليو 1952 فى مذكراته: «شاهد على حكم فاروق»، قائلاً: «قبضت الشرطة على الشابين وبدأ التحقيق معهما فى قسم حلوان، وأسرعت بحكم وظيفتى إلى القسم لحضور استجوابهما، فرأيتهما هادئين باسمين، أحدهما ضخم الجثة طويلا، والآخر قصيرا نحيفا، وسأل وكيل النيابة أولهما عن اسمه، فأجاب: «ولماذا تريد معرفة اسمى»، وسأل الثانى، فأجاب: «اسأل زميلى يقول لك اسمى وضحك»، فنهرهما وكيل النيابة وأعاد سؤاله، فذكرا اسميهما، فسألهما: «هل أطلقتما الرصاص على المستشار الخازندار»، فردا بكل برود: «ومن هو الخازندار؟»، ثم امتنعا عن الإجابة.
القاتل الأول اسمه «محمود سعيد زينهم» وعمره 19 عاماً، ومن الجيزة، وكان طالبا فى مدرسة الصناعات الميكانيكية، وبطل مصارع وفاز ببطولات عديدة، وترك التعليم الثانوى عدة مرات لتكرار رسوبه والتحق بالمدرسة الصناعية، أما القاتل الثانى فهو، حسن محمود عبدالحافظ «18 عاما» أحد أبطال لعبة الهوكى بالنادى الأهلى، وكان يسكن بالمنزل رقم 12 شارع نافع بن زايد بالجيزة.
أعيد التذكير بهذه القصة ومعها سؤال: «ماذا تغير فى جماعة الإخوان منذ هذا الحادث وقبله حتى الآن، نفذ التنظيم الخاص جريمة الخازندار، ونفذ «أنصار بيت المقدس» جريمة القضاة، التسميات فقط هى التى تغيرت، أما الأصل المغذى فهو «جماعة الإخوان».
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة