الإعلاميون الفضائيون- نسبة للقنوات الفضائية التى يعملون بها- يروجون لفكرة أنهم معارضون، ومنحوا أنفسهم حق معارضة النظام، وهو قلب للحقائق، وخلل فى المعايير المهنية، لأن دور الإعلامى إلقاء الضوء على السلبيات والإيجابيات معا، وتقديم رسالة توعوية وتثقيفية، وفى وقت الأزمات العصيبة التى تعصف بالأمة، يبعث برسائل مبهجة وطمأنة للناس، وليست رسائل تشيع الكآبة والخوف والرعب من الغد.
اعتراف الإعلاميون بأنهم معارضون، يفقدهم مصداقيتهم، ولا يمكن الإنصات لهم، إذا وضعنا فى الاعتبار أن تاريخهم فى الأصل منقلب ومتحول، ما بين تأييد الإخوان ثم الانقلاب عليهم، وتأييد البرادعى ثم الانقلاب عليه، وتأييد أدعياء الثورة ثم انقلبوا عليهم، وانقلبوا على المجلس العسكرى بعد ثورة 25 يناير، ثم أيدوا وأشادوا بالقوات المسلحة المصرية بعد ثورة 30 يونيو، وانقلبوا على الناصريين، ثم يهتفون الآن باسم جمال عبدالناصر، وأيدوا السيسى، ثم انقلبوا عليه الآن.
الإعلاميون المنقلبون من مقدمى التوك توك "شو" يتخذون من شعار «لف وارجع يا اسطى» سياسة ونهجا، حسب ما تقتضيه المصلحة، دون النظر لمصلحة الوطن والمواطن، وهى السياسة التى اكتشفها رجل الشارع البسيط قبل النخبوى، فانصرف عنهم، وفقد الثقة فيهم، ودشنوا مصطلحا يعبر عن الحالة يقول: «لو استقرت مصر سيموت الإعلاميون جوعا»، فهؤلاء يقتاتون على الفوضى، وإسالة الدماء، والمتاجرة بالمواقف، والارتماء فى أحضان أصحاب المال الحرام الملطخ بالدماء، والمغلف بالظلم والفساد.
ونؤكد لهؤلاء المنقلبين، إذا أردتم أن تلعبوا دور المعارضة، فعليكم بالاعتزال، ومغادرة الكاميرا فورا، والذهاب للانضمام للأحزاب السياسية، أو الحركات والجماعات الاحتجاجية، فلا يجب خلط الأوراق، ودس السم فى عسل الكلام، وتقديمه للناس على أنه دواء فيه شفاء من كل علة، فلا يستقيم لإعلامى دوره الرئيسى تشكيل وعى الناس، أن يرتدى عباءة المعارضة، ويرتكن لفصيل على حساب باقى المجتمع، يتحدث بلسانهم، ويردد مطالبهم، ويساهم بشكل فاعل فى تعميق حالة الانشقاقات بين المصريين، وينصف الجانى، ويدين المجنى عليه، ويقف مع الظالم ويعطى ظهره للمظلوم.
هؤلاء الإعلاميون المنقلبون والمتلونون بكل ألوان الطيف السياسى، جعلوا من المصريين كرة يتقاذفونها بين أقدامهم، حسب المرمى المحدد لإحراز الأهداف المطلوبة، ولا يهم إذا كان إحراز الأهداف بطرق شرعية أم من تسلل واضح وجلى، المهم أن يسجلوا أهدافهم.
والمصيبة أن هؤلاء الذين تعرت مواقفهم، وانكشفت ألاعيبهم، لم يتحملوا النقد الموجه لهم، مع أنهم أعطوا لأنفسهم كل الحقوق الحصرية فى توجيه النقد الهدام، والمعارضة المتلونة، والتعالى على المواطنين بأنهم العالمون ببواطن الأمور، والوحيدون الذين يفهمون فى هذا الكوكب، وكالعادة، يتهمون كل من يعارضهم ويكشف حقيقتهم بأنهم يتلقون الأوامر من الأجهزة الأمنية، مع العلم أن هؤلاء «المنقلبون والمتلونون على كل لون يا باتيستا»، هم الذين ذهبوا بأقدامهم إلى أحضان السلطة، وأجهزتها، خاصة الأمنية، وتلقوا التعليمات بالأدلة والبراهين، ولكن وكعادتهم يزايدون، يحاولون قلب الحقائق وتشويهها.