من الإسكندرية إلى السويس وشبين القناطر بمحافظة القليوبية والعريش جاءت صور أطفال الشهداء الأربعة «ثلاثة قضاة وسائق»، فى الهجوم الإرهابى الآثم على ميكروباص بالعريش، والذى وقع بعد قليل من قرار المحكمة بإحالة أوراق محمد مرسى وآخرين إلى المفتى فى قضيتى التخابر والهروب. أكبرهم محمد ابن السائق شريف محمد حسن، وعمره 16 عاما، كان سيلتقى بوالده فى سوق العريش، بعد أن يقوم بتوصيل القضاة ليشترى له موبايل، وبعد خمس دقائق من مكالمته مع والده للاتفاق على هذا الشأن وقعت الجريمة، السائق شريف هو نموذج لإنسان بسيط يكد ويتعب من أجل لقمة العيش الحلال، لكن الإرهاب الأسود يحصد أمامه كل شىء. استشهد السائق تاركا أربعة أبناء، بينهم ثلاث بنات جميعهن أطفال، واحدة ستلتحق بالمدرسة فى العام المقبل، واثنتان فى سن الحضانة، وفور أن تقع عيناك على صورهن سيتوجع قلبك بالحزن، ولن تغادرك صرخة الصغيرة أسماء وهى تنادى والدها الذى ذهب ولن يعود، ولن يغادرك التفكير فى مستقبل لأبناء بلا أب بما يعنى ذلك من آلام.
فى حديث المستقبل لأطفال الشهداء، سواء أطفال القضاة الثلاثة أو أطفال السائق يتجدد السؤال: إذا كان هؤلاء الإرهابيون يريدون المستقبل لهم، وحلم الحكم هو مبتغاهم، فهل يتصورون أن السير على جماجم الشهداء بهذا الشكل سيحقق لهم ما يريدون؟ ألا يفكرون فى أن حاصل ما يجرى الآن أنه لم يعد الأمر مقصورا على رفض شعبى لجماعة الإخوان وكل الجماعات المنضوية تحت لوائها، وإنما أصبح هناك ثأر بالمعنى المادى للكلمة معهم، ثأر يحمله على الأقل كل أبناء الشهداء، ومن يراجع تصريحات هؤلاء الأبناء سيتأكد من ذلك؟
حين وقع الرئيس السادات اتفاقية كامب ديفيد، وبدأت العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، فوجئ برفض المصريين لتطبيع هذه العلاقات، فأرجع ذلك إلى ما أسماه بـ«الحاجز النفسى» لدى المصريين، وأطلق حملة فاشلة لعلاجه ساهم فيها الطبيب النفسى المعروف «محمد شعلان»، وبالطبع كان ذلك قفزا على حقائق فى الصراع مع إسرائيل، من بينها دم الشهداء الذين سقطوا فى حروب مصر، ولا أنسى صديقا لى استشهد والده وهو طفل فى 5 يونيو 1967، ولما كبر قال وما زال يقول: «لو شفت إسرائيلى ماشى فى الشارع هقطعه بأسنانى»، فهل ستختلف مشاعر أطفال شهداء الإرهاب حين يكبرون عن مشاعر هذا الصديق؟