بالطبع قد لا يكون الإعدام هو الحل، ولكن نعرف أن هناك مراحل مختلفة للتقاضى يمكن من خلالها التعامل مع الأحكام القضائية، ومهما كانت هناك آراء فى أحكام فهى آراء يمكن للدفاع طرحها، وهناك الكثير من الأحكام القاسية صدرت وتم تخفيفها بأحكام أخرى، لكن اللافت للنظر أن بعض الذين يرفضون الإعدام كحكم هم أنفسهم أو بعضهم كانوا يرفضون أحكام حبس مبارك ويطالبون بإعدامه. وتواصل الأمر حتى صدرت أحكام بالحبس أو البراءة، والمحكمة تقضى بما هو متوفر من أدلة وما هو مسموح من أحكام، لكن المشكلة هنا أن الآراء ترتبط بالموقف من والسلطة. وليس بالموقف من القضية ورأينا بعض من يتبنون آراء منحازة منزوعة الأدلة، يروجها دفاع المتهمين وتضم أخطاء وتخلو من الأدلة. وهى تقارير يتم إعدادها باحترافية وتنشرها مواقع ليست خالية من الشبهات، ونفس التقرير يدور على مواقع تمتد إلى أن تصل للقنوات والمواقع والصحف الناطقة باسم التنظيمات الإرهابية.
وهذه المواقع والقنوات التى تحرض على العنف، وتدافع عن القتلة، وتتبنى العمليات الإرهابية، وتنشر فتاوى استهداف رجال الجيش والشرطة والقضاء بشكل مباشر، وفى الوقت الذى أرهقت فيه بعض المواقع الغامضة نفسها لتبرئة متهمى عرب شركس بالقليوبية، فقد أصدر تنظيم بيت المقدس بيانا مصورا ينعى فيه المتهمين ويصفهم بالمجاهدين، لتنسف دفاعات المدافعين، وتؤكد أنهم لا يبغون الدفاع عن الحقوق أو تقصى العدل، وإنما يدافعون عن الإرهاب، بحسن نية أو سوؤها.
ولأن التطرف يولد التطرف، فقد ظهرت لدى قطاعات من المواطنين ونشطاء التواصل آراء ضد تقديم المتهمين بالإرهاب لمحاكمات، ويطالبون بتصفيتهم فى أماكنهم، وحجة هؤلاء أن المحاكمات تستغرق وقتا، يكون الناس نسوا فيها تفاصيل العمليات الإرهابية وضحاياها، مما يفتح الباب للتشكيك فى الأحكام، أو يعطى الإرهابيين فرصة للنفاذ من ثغرات تصنعها أخطاء عمليات الضبط والتحقيق أو تورط بعض جهات الضبط فى انتهاك حقوق المتهمين. ومن هنا يطالب أنصار هذا الرأى بتصفية الإرهابيين بدلا من محاكمتهم، ويضربون مثلا بأمريكا التى تطارد وتقتل من ترى أنهم أعداء لأمنها القومى.
وهذا اتجاه خطر ولا يختلف عن تيار يشكك فى فكرة المحاكمة، ويفتح الباب لوضع يصب لصالح الفوضى. ولا مفر من التمسك بالقانون، والمحاكمات، واتباع الإجراءات القانونية وتوفير ضمانات المحاكمات والتحقيقات. والرد أولا بأول عن أى اتهامات وتوضيحها أو محاسبة من يخطئون فى أجهزة الأمن والتحقيق. وهذا هو الطريق الأفضل، حتى لا تنتصر تيارات الفوضى، سواء من أنصار الإرهاب، أو أنصار القتل للإرهابيين خارج القانون.