أوجاع الجنوب.. قرى المقاومة والتاريخ تعانى نقص الخدمات..الأهالى:"نظرة يا حكومة".."بنى عدى" تتحصن ضد الثأر بمنع زواج أبنائها من غرباء.. وانتشار المدارس والأساتذة بالقرية جعلها قبلة العلم والثقافة

السبت، 23 مايو 2015 10:08 ص
أوجاع الجنوب.. قرى المقاومة والتاريخ تعانى نقص الخدمات..الأهالى:"نظرة يا حكومة".."بنى عدى" تتحصن ضد الثأر بمنع زواج أبنائها من غرباء.. وانتشار المدارس والأساتذة بالقرية جعلها قبلة العلم والثقافة الدروس الدينية تحافظ على نشر السلام فى القرية
صفاء عاشور - آية نبيل - إسلام أسامة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قد يبدأ الأمر بمشادة، أو خلاف، أو مشاجرة، لتتطور الأحداث إلى سقوط قتيل من كلتا العائلتين يبدأ معها سلسال دم لا يعلم إلا الله متى سيتوقف، ففى الصعيد، وتحديدا فى أسيوط يسرى الثأر بين العائلات كالنار فى الهشيم، فمازالت قرى المحافظة تسجل النسبة الأعلى بين المحافظات فيما يتعلق باستمرار الخصومات الثأرية بين عائلاتها.

فى قرية «بنى عدى» التابعة لمركز منفلوط شمال مدينة أسيوط يختلف الوضع، نجح الأهالى فى تجنب دوامة الثأر على مدار عشرات السنين وإن ظهر فى السنوات الأخيرة بعض الحالات الفردية والتى يقاومها الأهالى، مقارنة بباقى القرى التى زارتها «اليوم السابع».

ووراء تفرد «بنى عدى» تتجمع العديد من الأسباب التى يحافظ عليها أهل القرية أنفسهم، ويدعمون استمرارها بجهودهم الذاتية، والتى لا يبدو للدولة أى دور فيها، على الرغم مما تتغنى به الحكومات المتلاحقة عن نجاح القرية فى إبعاد الثأر عنها.

الأسباب التى تقف خلف نجاح القرية فى الحفاظ على نفسها من اللحاق بنار الثأر ليست خفية على أحد، يعددها مواطنوها صغيرهم قبل كبيرهم، تكتشفها بمجرد أن تطأ قدماك أرضها وأهمها انتشار المدارس، وارتفاع مستوى التعليم بين الفتيان والفتيات، وتعدد المراكز الثقافية والمكتبات التى لا تجعل التعليم يقف عند حد الدراسة، وهو أمر غير منتشر فى باقى القرى التى قمنا بزيارتها، ففى أغلب الأحيان، تقتصر المنشآت الثقافية على المدينة أو المراكز دون أى وجود فعلى لها فى القرى.

تنقسم بنى عدى إلى 4 مناطق هى: المنطقة البحرية والقبلية وعليوة والوسطانية، وقد كانت قرى منفصلة فى البداية حتى دمجها المجلس المحلى فى 1992 فى قرية واحدة سميت بالاسم الحالى، ما يلفت الانتباه هو مساحة القرية الشاسعة، حتى إن مواطنيها تلقوا وعودا بتحويلها إلى مدينة دون جدوى، ما يبرره محمد أحمد، العامل بالمستشفى العام بمنفلوط، بأن مشاكل القرية تتشابه مع كثير من القرى التى يظلمها تقسيمها الإدارى فتتلقى خدمات «القرى» على الرغم من اتساع مساحتها أو زيادة كثافتها السكانية، مضيفا «تتعدى أعداد السكان هنا 60 ألف نسمة، ومع ذلك لا يوجد سوى وحدة صحية لا يتواجد طبيبها أغلب الأيام لإشرافه على وحدات أخرى، كما لا تملك سيارة إسعاف، ففى حالة أى طوارئ نتجه بالسيارات الخاصة إلى أسيوط، حتى سيارة المطافى التى أهداها المجلس المحلى للقرية معطلة من وقتها».

نفس المشكلة تنطبق فى القرية على الخبز، حيث لا تكفى الحصة المخصصة جميع السكان، وكذلك الصرف الصحى، حيث لم تغط المخصصات المالية، على حد قول المسؤولين للأهالى التكلفة اللازمة لاستكمال مشروع توصيل الصرف، ليتوقف الصرف الصحفى على الشوارع العمومية دون وصولها للمنازل منذ 4 سنوات دون أن يخبرهم أحد عن مصير الأموال التى تم إنفاقها وما إذا كان سيتم استكمال المشروع أم لا.

كل المشاكل السابقة، يحاول أهالى القرية حتى الآن على تخطيها بالجهود الذاتية سواء بإنشاء مستوصف طبى خاص، أو شراء الخبز بالسعر السياحى، وما يساعد على ذلك، وفقا لعبدالمنعم عبدالرحمن، الأستاذ بكلية أصول اللغة جامعة الأزهر، هو انخفاض نسبة البطالة فى القرية: «نتكاتف لكى لا تواجهنا أى مشكلة حتى يستمر السلام فى القرية، بندفع تمن هروبنا من الثأر الذى يكوى جسد كل القرى المحيطة، وكل فترة بنحاول نخاطب الحكومة لدعم القرية بدلا من أن نحمل ثقلها وحدنا لكن لا أحد يساعدنا»، مضيفا «كل الأسر هنا تتنافس على تفوق أبنائها حتى يخرجوا من الأوائل كى يجدوا وظائف سريعة، آفة القرى المحيطة هى البطالة وانخفاض مستوى الثقافة، وهو الأمر الذى نحاربه هنا فى القرية».

ما تحدث عنه «عبدالمنعم»، يؤكده الأهالى الذين يسردون الأعداد الكبيرة من أساتذة الجامعات المنتميين إلى القرية، من أساتذة اللغة العربية بجامعة الأزهر والتى سميت بالكلية العدوية نسبة للقرية، وخروج أئمة المساجد فى أغلب قرى أسيوط وسوهاج من القرية، فضلا عن عمل ابناء القرية فى اغلب الجهات الحكومية، كما يعود إلى القرية نسب الشيخ محمد حسين مخلوف مفتى الجمهورية السابق، وأحمد كمال أبو المجد ويوسف السباعى.

التواجد الحكومى الذى لا يراه أهالى القرية سوى فى العيد القومى للمحافظة والتى تحتفل به فى القرية نظرا لدورها فى مقاومة قوات الحملة الفرنسية، يبقى بعيدا عن أى تأثير فى مقاومة الثأر، حيث يقول أحمد على، موظف فى الضرائب، إن عائلات القرية تمنع النسب من خارجها، حتى لا تجر الثأر للقرية عن طريق النسب، فضلا عن حث الأطفال منذ الصغر على القراءة والثقافة إلى جانب المدرسة، قائلاً: «حتى تتفتح عقولهم ويحافظوا على نفس الميراث حينما يكبرون ولا ينجروا للعنف».

إلا أن الفخر فى كلمات أهالى القرية لم يخف تسرب الإحساس بالخوف على القرية فى الآونة الأخيرة، فمع الزيادة السكانية فيها وفى القرى المحيطة، يظل ظهير القرية الصحراوى مطمعا للخارجين على القانون، ففى السنوات الأخيرة وقعت عدة حوادث وضع يد على قطع أراض تقع على حدود القرية ناحية الجبل، تنتهى غالبا بدفع صاحبها مبالغ مادية لخروجهم من الأرض، أمر يزيد خطورته عدم وجود قسم شرطة خاص بالقرية، وعن ذلك يقول محمد «الأوضاع الأمنية سيئة فى الفترة الأخيرة وهو الأمر الذى نخشاه لأن بمجرد سقوط أحدهم فى أى اشتباكات ستنجر القرية إلى ما كنا نتجنبه طوال السنوات الماضية ومفيش حد مساعدنا».

الكُتّاب كان بالنسبة لفتحى محمد، موظف فى الشؤون قانونية بوزارة التربية والتعليم، أحد أهم المراكز التى يعتمد عليها أبناء القرية لشغل أوقاتهم إلا أنه تم إغلاقه، وعن ذلك يعلق قائلاً: «مفيش بديل بالنسبة للقرى المحيطة، لكن بالنسبة لنا الحظ يخدمنا لأننا لدينا مقر الطريقة الجعفرية، والتى تملك مكتبة ضخمة، وتنظم ندوات ودروسا تجذب شباب القرية، وتغرس فينا أن القتل حرام».

تحتوى المكتبة على آلاف الكتب والرسائل العلمية التى يأتى إليها الدارسون من كل بقاع مصر للإطلاع عليها، وتم إنشاؤها بكتب فضيلة الشيخ محمد حسين مخلوف الذى تبرع بمكتبة كاملة لها.

ويقول أحد الأهالى إن اتجاه الحياة المادى فى مصر غير فى شكل القرية، وأثر على عادات أهاليها، ويلخص ما يدور فى أذهان كل أهالى القرية قائلاً: «الحكومة معتبرة إن طالما أهالى القرية حلوا كل الخلافات ومسالمين ويسدون احتياجاتهم بأنفسهم فليس ضروريا أن تقدم لنا الاهتمام الكافى، ونخشى أن يتغير ذلك فى المستقبل مع ازدياد أعداد السكان، وارتفاع نسبة الفقر بين أبناء القرية عن الفترات السابقة حتى وإن كانت أقل من القرى الأخرى».
اليوم السابع -5 -2015

اليوم السابع -5 -2015

"بنى مر" قرية الزعيم عبدالناصر تعانى من الإهمال..أفراد عائلة «ناصر» لم يتمكنوا من عضوية البرلمان فى عهد مبارك "بالأمر المباشر" وشاركوا فى 25 يناير و30 يونيو










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة