اشتعلت المزايدات منذ أن أعلنت أمانة جائزة «كتارا» للرواية العربية عن أسماء الفائزين بها، وجاء من بينهم اثنان مصريان هما الروائى الكبير إبراهيم عبدالمجيد والروائى سامح الجباس، فقد رأى البعض أن مجرد اشتراك المصريين فى هذه الجائزة جريمة لا تغتفر، مطالبين بمحاكمة من اشتركوا فى الجائزة وبالطبع من فازوا بها، تحت زعم أن قطر «دولة خائنة وعميلة»، ومن المؤسف أيضًا أنه فى وسط هذه المزايدات سكتت الأصوات المعارضة لهذا التخوين المجانى وتلك المزايدات القميئة.
فجأة انتفض الجميع ضد كاتبين مصريين شريفين وكأنهما قد كفرا لأنهما سعيا قبلا بتقدير مادى ومعنوى من دولة عربية، نعم أجرمت الإدارة القطرية فى حق نفسها وفى حق شعبها وفى حق شعوب المنطقة، لكن هذا الإجرام لا يعنى أن نقاطع الشعب القطرى الشقيق، وأن نشن ضده الحملة بعد الحملة، ناسين أننا مهما تفرقنا فإننا سنعود، كما كنا أصدقاء وأشقاء، وأننا مهما فرقت بيننا الحكومات شعب عربى واحد لديه ذات الهموم وذات الأحلام.
أنا لا أدافع هنا عن كاتبين كريمين فازا بجائزة عربية، لكنى أقف وبشدة ضد حرب الأسقف المفتوحة التى نشنها ضد شعب قطر ومثقفيها، وكما أقف ضد اعتبار قطر كإسرائيل التى احتلت الأرض وهتكت العرض وسفكت الدماء لنسمع أصواتا تطالب بوقف «التطبيع الثقافى» معها، كما أدين وبشدة هذا المزاج المتطرف الحاد الذى انتشر بين المصريين كالنار فى الهشيم حتى وصل إلى المثقفين أيضا، وتلك هى المصيبة.
للأسف أنا لا أعرف الكاتب «سامح الجباس» على المستوى الشخصى، لكنى بالطبع أعرف الكاتب الكبير إبراهيم عبدالمجيد الذى توجت الجائزة باسمه فى دورتها الأولى، وأعرف مدى إخلاصه ووطنيته، وأعرف جيدا مكانته الإبداعية كأحد أهم الأصوات الروائية فى تاريخ مصر، ومن المؤسف هنا أن أذكر بعض الأسماء التى هاجمت فوزه بالجائزة ذات التاريخ الملوث بما فيه الكفاية، لأن تصمت إلى أبد الدهر، لكن على ما يبدو فإن صمت الوسط الثقافى الآن عن تذكير هؤلاء بماضيهم الملوث جعلهم يعتقدون أننا نسينا أو غفلنا.
إن كان لى حق أن أدعو المثقفين إلى شىء فإننى أدعوهم إلى عدم الانصياع إلى هذا التطرف تجاه قطر وشعبها ومثقفيها ومؤسساتها الثقافية، بل أدعوهم إلى ممارسة كل أشكال الاتصال الثقافى مع قطر، لأنه لا يجوز أن نقاطع شعبا عربيا، لأن حكومته ليست على هوانا، كما أدعو الجميع إلى الكف عن اللجوء «حرب الأسقف المفتوحة»، التاريخ أثبت أن الشعوب أبقى من حكامهم، وإن كان هؤلاء المتطرفون يبتغون من وراء مهاجمة أديبى مصر اللذين فازا بجائزة كتارا نفاق الرئيس عبدالفتاح السيسى فليتخذوه قدوة، وهو الذى استقبل أمير قطر وحرص على الاستجابة لمبادرات الصلح وإنهاء الاحتقان.
ألف مبروك للروائى الكبير إبراهيم عبدالمجيد والروائى سامح الجباس.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ايمن مأمون
قطر الحضارة والثقافة
عدد الردود 0
بواسطة:
على الجوهرى
خيانة وطن