بت أعتقد أن يدا خفية تدفع تنظيم داعش الإرهابى إلى مسح التاريخ، ليكتب آخرون تاريخهم، قادة التنظيم الذين حرموا دراسة علم الآثار فى المناطق التى سيطروا عليها، اتفقوا مع المستفيدين من تجريف تاريخ المنطقة على بيع دلائل الحضارات والديانات القديمة لتمويل الذبح، خبراء شاركوا فى منتدى رعته اليونيسكو بعنوان «التراث العراقى فى خطر» عقد الأسبوع الماضى فى باريس أكدوا هذا.
مدير متحف بغداد والمدير السابق للتراث والآثار قيس حسين رشيد قال: «إن هناك مافيات دولية تهتم بالآثار وبكل ما له طابع تراثى، تعمل على إبلاغ داعش بما يمكن بيعه، هناك من يسهل تلك التعاملات، وأن داعش يقوم بأعمال تنقيب لبيع (قطع) فى أوروبا وآسيا بواسطة دول محيطة، والعائدات تمول الإرهاب»، و أنه يستحيل تحديد حجم عملية التهريب هذه أو الخسائر التى يتكبدها العراق، لقد دمروا قبر النبى يونس فى الموصل وقبور أنبياء وصحابة وأولياء، والعديد من التماثيل، إضافة إلى قصور أشورية فى مناطق سيطرة التنظيم، لم تشهد آثار العراق تدميراً ونهباً على هذا المستوى منذ غزو التتار لعاصمة الخلافة بقيادة هولاكو، وهاهم يسيطرون على مدينة تدمر السورية الأثرية بأعمدتها الرومانية ومعابدها ومدافنها.
مدينة تدمر المعروفة باسم «لؤلؤة الصحراء»، ظهر اسمها لأول مرة على مخطوطة يعود تاريخها إلى القرن 19 قبل الميلاد، وعرفت أوج ازدهارها إبان الغزو الرومانى بدءا من القرن الأول قبل الميلاد، وباتت تعرف باسم «بالميرا» وذاع صيتها بوصفها واحة خصبة وفاخرة فى وسط الصحراء، بفضل ازدهار تجارة التوابل والعطور والحرير والعاج من الشرق، والتماثيل والزجاجيات من فينيقيا، وفى سنة 129، منح الإمبراطور الرومانى أدريان تدمر وضع «المدينة الحرة» وعرفت آنذاك باسمه «أدريانا بالميرا»، وفى هذه المرحلة بالتحديد، تم بناء أبرز معابد تدمر مثل معبد بعل (بل) وساحة أغورا، حكمتها زنوبيا التى تمكنت هزيمة الفرس واحتلال بلاد الشام، حتى تمكن الإمبراطور الرومانى أورليان من استعادة السيطرة على تدمر واقتيدت الملكة زنوبيا إلى روما.. وتسعى الآن قطر وإسرائيل لشراء تاريخها.