من كان يتصور أن دولة الإمارات، هذه الدولة الصغيرة مساحة وسكانا، أن تحقق هذا الإنجاز وتصبح أول دولة عربية تنطلق إلى الفضاء ببرنامج واستراتيجية لغزو هذه الصناعة التى صورها الغرب على أنها « ملكية خاصة» لدوله ودليل على التقدم والتحضر والرقى فى مقابل العجز العربى والتخلف والهمجية.
الإمارات صنعت بالإرادة والتحدى نموذجا إنسانيا فريدا ومميزا فى عالمها العربى بفضل قيادة رشيدة وحكيمة ووطنية ومخلصة للبانى الأول لهذا النموذج، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، واستمرار هذا النهج فى القيادة فى حكام الإمارات من بعده، على الأرض حققت الإمارات حلم الوحدة بعد سنوات قليلة من هزيمة 67 وفقدان الكثير من الأمل فى المشروع الناصرى، ومن أراض صحراوية شاسعة إلى حدائق وأشجار وبناء وعمران ودولة عصرية حديثة أصبحت مضربا للمثل لكل دولة عربية تسعى للنهوض والتنمية والتقدم.
الحلم الإماراتى لا يتوقف ولا تسعه الأرض ويحلق إلى الفضاء، الحقيقى وليس الخيالى، بإطلاق استراتيجية الدولة العربية الأولى فى صناعة الفضاء والإعلان عن خطة تشغيل وكالة الفضاء الإماراتية التى دشنها أمس الأول الاثنين الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبى. ولا أظن أن هناك من يشكك فى قدرة الإمارات على تحقيق الحلم العربى لغزو الفضاء، فالإنجاز على الأرض يمنح الثقة لدى كل عربى فى مواصلته للفضاء بالإرادة والجدية فى العمل، فالحلم الفضائى هو حلم كل العرب ومشروعهم فى العمل المشترك اقتصاديا وسياسيا وعسكريا.. وفضائيا.
الإمارات كشفت بداية الشهر الجارى التفاصيل العلمية والتقنية والخطة الزمنية لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل» الذى من المخطط أن يصل المريخ بحلول عام 2021 تزامنا مع ذكرى مرور خمسين عاما على قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، والمسبار سينجز على يد فريق من المهندسين والعلماء الإماراتيين بالتعاون مع مؤسسات علمية وبحثية مرموقة على مستوى العالم، ومشروع استكشاف المريخ، هو أول مشروع عربى من نوعه يتضمن إطلاق مسبار فضائى لاستكشاف الكواكب الأخرى.
الحلم العربى الإماراتى هو دليل على قدرة العالم العربى على الإنجاز والمساهمة الفاعلة مرة أخرى فى الحضارة والتاريخ الإنسانى بعد مرحلة سبات وعطب فكرى لقرون طويلة، وهذا الحلم يؤكد أن التفاؤل والثقة فى الذات والطموح والإرادة والتخطيط، بإمكانها تحقيق النجاح والإنجاز بالرغم من الظروف التى تعانى منها منطقتنا العربية وهو أيضًا «نموذج عملى يهدف إلى إلهام شعوب المنطقة».