كلما وقع بنيامين نتنياهو فى ورطة سياسية تهدد بإسقاط حكومته، أو تستدعى تدعيمها وإنقاذها من السقوط، سفك الدم الفلسطينى، فالدم الفلسطينى هو وحده الثمن للتماسك الإسرائيلى العنصرى، والدم الفلسطينى يدار فى الكؤوس بين نتنياهو وحلفائه من المتطرفين فى الأحزاب الدينية، وقادة المستوطنين، أوكبار الساسة الفلسطينيين فى غزة على السواء، لا فرق بين الجانبين فى لعبة المصالح القذرة. حكومة نتنياهو الرابعة التى تتشكل من الليكود، ومجموعة الأحزاب الدينية المتطرفة مثل «البيت اليهودى»، و«شاس»، و«يهوديت هتوراه»، بالإضافة إلى حزب «كلنا» المنشق عن الليكود، لا تملك إلا غطاء سياسيًا هشًا من 61 نائبًا فى الكنيست، حتى إن المعارضين أطلقوا عليها حكومة النائب الواحد، إذ يكفى أن ينسحب نائب واحد من دعم الحكومة لتنهار، ويصبح على نتنياهو إما التفاوض مع خصومه فى تحالف المعسكر الصهيونى، أو تقديم مزيد من التنازلات لإشباع شهوة المتطرفين والمستوطنين إلى الدم الفلسطينى.
وحتى يحصل نتنياهو على مبرر لسفك مزيد من دماء الفلسطينيين العزل، سارع أنصاره وحلفاؤه من قادة حماس وفصائل الجهاد الإسلامى المتطرفة فى غزة بإهدائه 4 صواريخ جراد أطلقت على منطقة أشدود والمستوطنات الجنوبية، وما كان من نتنياهو إلا أن أبدى شكره لحلفائه فى غزة، وخرج على مؤيديه ومعارضيه ليقدم من جديد استعراض «وان مان شو» الدموى، والبداية بـ15 غارة حربية بالطائرات على رفح الفلسطينية ودير البلح وخان يونس، والبقية تأتى.
لم يخطط قادة حماس والجهاد الإسلامى لمعركة الثأر للشهداء، وتحرير الأرض المسلوبة بإطلاق الصواريخ على أشدود، إنما خضعوا لأوامر نتنياهو لتقديم المبرر لحرب جوية إسرائيلية على أبرياء غزة لتحقيق التماسك والإنقاذ للحكومة الهشة، فالحرب على الفلسطينيين والعرب تؤجل الخلافات والمؤامرات السياسية الداخلية فى إسرائيل، وتمنح نتنياهو فرصة لتخويف خصومه وتحييدهم، كما تلفت انتباه الإسرائيليين وترفع من معدلات شعورهم بالخطر ليلتفوا حول رئيس الحكومة، كما تمنح متطرفى الأحزاب الدينية الشعور بالرضا لمشاركتهم فى حكومة تقتل الفلسطينيين. لكن بم يشعر قادة حماس والجهاد الإسلامى وهم يقدمون المبرر لنتنياهو ليقتل المزيد من الفلسطينيين دون ثمن؟، ماذا سيقولون لأهالى الضحايا؟، وإلى متى سيتاجرون بالشهداء؟.. أسئلة تظل بدون إجابات فى زمن الانحطاط العربى.